أقلام حرة

نضوج الواقع الكوردستاني يفرض الكلام عن الاستقلال ولكن.. !

emad aliان لم تكن الارضية ممهدة لاي موضوع ومنه الاستقلال، لا يمكن ان ينبس اي احد ببنت شفة عنه، وان كان الاستقلال بالذات حتى الامس القريب من الممنوعات، واعتبر اي كلام في ذلك الامر تدخلا في شؤون البلدان المستقلة ولم تسمح به القوانين وما اقرته الامم المتحدة في مواثيقها، الا ان المرحلة سمحت التطرق والتوجه اليه الان .

انها ليست مشكلة المعضلة الكبيرة في انسجام الشعوب في هذه الدول المتعددة المكونات فقط، وهي عدم ملائمة تعامل مراكز الدول التي انقسم عليها الكورد معهم بالذات او مع الاقليات جميعا في تلك البلدان، بل انه تاريخ وحق مغطى واجحاف واجحاد بحق امة، منذ غدر المتسلطون بها من اجل مصالح بعيدة المدى . انه الصحيح الذي لا ينتهي اي امر الا باقرار صحته مهما طال الزمن . انه الحق الذي بهت واختفى التطرق له نتيجة سيطرة الظلم وقوة الغادر . انه نتيجة لولادة طبيعية بعد اكتمال مدة الجنين الطبيعية في الرحم ومن اب وام شرعيين وبمقومات مساعدة على العيش والنمو رغم الظروف القاسية.

هذا من الجانب الموضوعي، واما الوضع الذاتي وان تشوبه الخلافات بين القوى السياسية التي تعتبر وسيلة لايصال الشعب الى المقصد وتحقيق الهدف، فانهم ليسوا بمستوى المسؤولية ولا بالعقلية التي يمكن ان تُعتمد لانجاح المهمة الصعبة نتيجة ضيق افق تفكيرهم وتوجهاتهم وتسلسل اولوياتهم واهتماماتهم وما يفرضون من المصالح الضيقة امام اعينهم دون الاسناد على الاهم في هذه المرحلة، الا الواقع يفرض نفسه في هذا الامر .

لقد سارت المئة العام الماضية بمآسيها على الكورد، وراحت ضحيتها مئات الالاف من ابناء الشعب الكوردي، كل ذلك نتيجة ما فرضه الاستعمار ومصالح مابعد الحروب العالمية، واوقع كل تلك الضحايا دون ان يرف لهم جفن، ولم يعترفوا لحد اليوم لكي يكفّروا عن ذنوبهم الكبيرة، هذا عدا السلطات المركزية التي توزع عليها الكورد غبنا، وفرض عليهم التوجهات والافكار وحتى العقائد والفلسفات المختلفة عن ايمانهم واعتقاداتهم الفكرية والفلسفية والسياسية وحتى الاجتماعية في كل مرحلة، وهذا ايضا ما اجبر الكورد على تغيير في مواقعه وايمانه ومراوحته حول الهدف الاساسي الملائم للظروف الموضوعية والذاتية التي فرضت نفسها عليه اخيرا وهو استقلال كوردستان . الا ان تغيير الظروف وتنوع المراحل وما اتسمت به السلطات المركزية والشعوب والقوميات السائدة او القوميات والمكونات المتسلطة بالذات، ادى الى مراوحة الكورد حول شعارات مخفيا تحتها الشعارات الحقيقية التي كان يؤمن بها في قرارة انفسهم، ونقول كانت في مقدمتهم اصحاب الافكار والفلسفات اليسارية وحتى الدينية اليمينية عابرة للقومية والمذهب والحدود العديدة .

اليوم يتكلم الجميع عن الفدرالية كحق للشعب الكوردي في الدول الاربع، على الرغم من التركيز على كوردستان الجنوبية والغربية لانها اصبحت في مقدمة ما يمكن ان يُبحث من قبل الملمين واستنادا على ما يجمعهم معهم مصالحهم على الاقل في هذا الوقت . غير ان الفدرالية التي اصبحت موضوع اليوم، ليست الا محاولة لاخفاء الشعار الخاص والهدف الذي يؤمن به الكورد بنفسه وهو الاستقلال، و ان نجحت العراقيل يمكن ان تسير مراحل اخرى دون تحقيق الهدف، وبهذا لم يستفد منها احد نتيجة اطالة الحروب والفوضى، الى ان نصل الى مرحلة ولا يمكن ان يكون هناك اي بديل للهدف الاسمى لدى الكورد، وبه يمكن ان يعترف به العالم بشكل عام، ولكن هذا امر يمكن ان تتخلله الاحداث ويصيب الضرر كافة الجهات ولم يستفد منها الا الاقليلون ومن لهم المصلحة البعيدة المدى كما كان خلال هذه المدة الطويلة التي الحق الكورد بدول لم يكن منسجمة معها يوما ومنذ الحرب العالمية الاولى، ولم يحس بانه مواطن لها في اية مرحلة كانت، طوال المئة عام الماضية التي انبثقت هذه الدول, واكثرها باتفاقات واوامر خارجية دولية بعيدة عن الولادة الطبيعيةو مستندة على مصالحهم هم . اليوم الارضية الدولية لقرار الكورد اصبحت خصبة لحدما والظروف الموضوعية اصبحت تلائم القرار الحاسم لحد كبير على الرغم من طرح الموضع بخجل وتلقيه الاستجابات الخفية من جهة والتحفظات المصلحية لبعض الدول الاخرى من جهة اخرى .

الاندماج الذي ادعاه الكثيرون لم يكن ولم يحدث كما اعتقدوا لاسباب وعوامل عديدة لدى الاطراف المعنية وما تتمتع به المجتمعات الشرقية والوعي والثقافة العامة والالتزامات والانتماءات العديدة لكل فئة او مكون، والعوامل الكثيرة الاخرى المدعوة للتفكك اكثر من الاندماج مهما ادعى الخياليون في امور المجتمعات والسياسة الشرقية.

اننا في الوقت الذي نعتقد بان الفدرالية في كثير من دول العالم ادت الى اتحاد وتقوية البلد والتعايش السلمي للشعوب، وفي اخرى ادت الى تفكك وانشاء دول جديدة كما هو الحال في الهند وتاسيس باكستان وبنغلادش، والسوان تاسيس جنوب السودان من رحم الفدرالية، الا اننا لا ننسى بقاء الامارات العربية والدول العالم الاخرى، كالمانيا وايطاليا وروسيا وبرازيل واميركا واستراليا وماليزيا ونيجيريا وكندا على وحدتهم وانسجامهم واصرارهم على بقائهم نتيجة ما تفرضه المصالح المشتركة المبنية تحت خيمة المساواة وفي ظل وعي عام والثقافة العامة المناسبة المؤمنة بوحدة المصير والمصالح المشتركةن وفي ظروف تجست فيه المواطنة والمساواة البعيدة المنال في دولنا هنا . كل ذلك لا يمكن ان نجده في الدول الذي انسقم عليها الكورد والحق بها قسرا، وحتى لم يكونوا كتلة واحدة قبل انبثاق الدول فيها ايضا، وبقى كل منهم متمتعا بظروف خاصة به وممتلكا مقومات بناء دولته المستقلة حتى النخاع على الرغم من الصعوبات التي واجهتهم وفرضت عليهم امور كثيرة كالقتل الجماعي والجينوسايد والحروب والتهجير والتسفير وتدمير مدنهم وقراهم، الى غير ذلك من ما فرضته عليهم الدكتاتوريات والافكار المتطرفة التي حملتها اصحاب السلطة المركزية لهذه البلدان وفي مقدمتهم العراق .

ان كنا نريد ان نقول الحق بما فيه وعليه، فاننا لا يمكن ان نبني فدرالية موحدة بين الكورد والقوميات الاخرى في هذه البلدان كما هو حال الدول الاخرى، لاسباب كثيرة ولانعدام العوامل المطلوبة لبناء افقدارلية كما هي الموجودة في كافة الدول الفدرالية في العالم . وعليه لا يمكن ان تعدل الحال في هذه المنطقة الا ببناء دول كوردستانية شمالية وجنوبية وشرقية وغربية مستقلة منفصلة حتى مع بعضها بداية . وكل منها لها خصوصيتها وما فرضت عليها منامور مختلفة عن بعضها لكل دولة، واصبحت تتميز عن شقيقتها ايضا وتحتاج كل منها لوقت ملائم وظروف تفرض نفسها لاستقلالها في المراحل المقبلة القريبة والبعيدة لكل منها .

اما في كوردستان الجنوبية اليوم التي اصبحت هي الاولى في هذا المضمار، انها للاسف تاخرت كثيرا في ادعاء الحق، لاسباب ذاتية وانعدام قيادة تاريخية والتمسك بالمصالح الضيقة والانقسامات والفوضى في الحكم وتفشي الفساد والخلافات الكبيرة بين القوى وما حدث من الحروب الاهلية وعدم التوافق، فانها ابعدت لحدما عن تحقيق الهدف لمرحلة ماـ وكان بالامكان البدء بخطوتها الاولى بشكل سهل وطبيعي منذ مدة . اما اليوم فان هذه الحواجز الذاتية التي انشاها الكورد بانفسهم علاوة على ما فرضته اعدائهم قد تدفع الى المغامرة نتيجة توقع نجاح الاعداء في وضع العصي في مسيرة استقلال كوردستان، لوجود ثغرات كبيرة يمكن استغلالها في هذا الامر، اضافة الى عدم وضوح الطريق ولم نجد ملامح الدعم العالمي بكل صراحة وعلنية في افق مابعد اعلان الاستقلال لحد الساعة . وهذا ما قد يدفعنا ان نظن، يمكن ان يبتعد وقت الاستقلال الى مرحلة اخرى، ومن المحتمل ان تُفرض امور ليس لصالح الكورد، الى ان نصل الى وقت يدفع الكورد بشكل مباشر الى اعلان الاستقلال دون اعاقة، وهذا امر منتهي منه، وعلى الرغم من اضاعة الفرص الا اننا متيقنون بانه لايصح الا الصحيح في النهاية مهما بعد وفي اي وقت كان . 

 

في المثقف اليوم