أقلام حرة

الدمامل لا تتحاور!!

لماذا لا نتحاور قالها بحيرة وعجب، وكان الجواب، أن الدمامل لا تتحاور!!

نعم، إن الدمامل لا تتحاور بل تسعى للإنفجار، ونفث أقياحها المحتقنة فيها، والتي تتسبب بآلام مبّرحة لأصحابها، وبما أننا نتخاطب بلسان الدمامل الكامنة فينا، فأن الحوار لا يمكنه أن يتحقق، والتفاعل الإيجابي لن يحصل أبدا.

والدمامل المتفاعلة ظاهرة متميزة، تبدو واضحة في المحافل واللقاءات، ونجدها على صفحات المواقع والصحف والمجلات، وفي محطات التلفزة والإذاعة، بل أنها تهيمن على أي خطاب مهما كان نوعه ومذهبه!!

فالموجودات متدملّة ومتحاملة، ولا يمكنها أن تلفظ إلا صديدها، وما تعتّق فيها من أقياح الجراح والمَرارات والإنكسارات والإحباطات والإمتهانات، ودائرة التدمّل المفرغة تدور وتدور وتأبى أن تتوقف ولو لفترة من الزمن، بل أنها تزداد تدمّلا وتحاملا، فتلقي بحملها في أودية الوجود الصادية العطشاء!!

ولهذا فأن الذي يشرب صديدا سيكون مزاجه فتاكا وتصوراته ذات نوازع إنتقامية وإشتفائية، تعمي قلبه وتُذهب بصيرته، وتدفعه إلى تصارعات ذات آليات عجائبية وغرائبية غير مسبوقة، أنتجها خيال الدمامل وأطلقتها أقياح التحامل.

تلك حقيقة أشد مرارة من العلقم، وأقبح من أي قبيح، ولا بد من الإعتراف بها ومواجهتها، والعمل على التشافي منها، بدلا من تعزيزها وتسويغ ما ينجم عنها من سلوكيات وتواصلات ضارة بكل شيئ في الشخص وما حوله.

والشعوب التي مرت بهذه الحالات تعلمت من تجاربها، وعمدت إلى تفتيق دماملها وسكب أقياحها في حفر الأيام، والعمل سوية ومعا على شق ترع وأنهار المحبة والألفة والمصالح المشتركة، والإعتصام بحبل المودة والوطنية والمواطنة، والتوافق على مبادئ جامعة تتوحد حولها جميع القوى والتطلعات، وتكون عاصمة للشعب من الويلات والنيران والطوفان التحاملي، الذي يعصف ببعض المجتمعات ويذيقها سوء المآل.

وعليه فالمطلوب وعي الدمامل الفاعلة في كل شخص، والعمل الجاد على إدراك ما تختزنه وتدفع إليه من الإستجابات، التي تقضي على صاحبها وما حوله من مفردات الحياة والقوة والإقتدار، وهذا يتطلب ثقافة نفسية ومعرفة سلوكية تساهم في نشر الوعي التفاعلي السليم، وتحبيب التصرفات الإيجابية ذات القيمة النافعة للفرد والمجتمع، فالدمامل بؤر تدميرية ندّاسة تختزن سيّئا وخبيثا، وتسعى للتعبير عن الغثيث المشين.

فهل سنعرف دماملنا ونتحكم بما يمتهننا ويؤذينا؟!!

وهل سنتحرر من مناهج تفكيرنا الدُمّلية؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم