أقلام حرة

كوردستان التي نريد ان نراها هكذا

emad aliلا يمر يوم الا ونستمع لتصريحات كثيرة باهداف مختلفة، ونلمس في طياتها قبل اي شيء المزايدات الحزبية حول كوردستان وما يهم شعبها ومصيره ومستقبله فقط، وفي الحقيقة غير ذلك ودون ان نجد اخلاصا من ااصجاب تلك المواقف التي تؤكد ان نياتهم وما يؤمنون لا يتوافق مع ما يدعم تحقيق المصالح العليا للشعب، ولم نلمس على الارض عملا سياسيا متقنا يمكن ان يدفع لتجسيد وضمان ارضية يمكن ان تمهد لتحقيق المراد شعبيا .

من خلال العقدين والنيف من الحكم الشبه المستقل لكوردستان الجنوبية بعقلية واداة قديمة جديدة، وهي تفرض نفسها من خلال ما تدعيها بشرعيتها الثورية فقط، بعيدا عن متطلبات العصر والمتغيرات التي نقلت كوردستان بشكل طبيعي نحو المرحلة الجديدة التي تفرض تعاملا جديدا ومتغايرا .

الصراعات الكبيرة بين القوى وبالاخص القومتين الكبيرتين التي سيطرتا على السلطة بعد الانتفاضة واوصلا الحال الى الاحتراب واسالة الدماء، ودون ان يرف جفن القادة التي تربوا على اجتياز خطوط الحمر دائما، دون ان يردعوا من قبل اي طرف او الشعب بشكل خاص ومر عليهم ما اقترفوه مرور الكرام ومن دون اي عقاب .

 فان الشعب الكوردي تعرض للظلم على يد قادته، والذي لم يعتقد يوما ان تصل عقلية هذه القادة الى هذا الحد من السطحية في قراءة المرحلة، وبقاءهم في الاستمرار على الاسلوب ذاته الذي ساروا عليه ابان الثورة الكوردستانية، اي عقلية نفي الاخر ومحاولة مسحه مهما كانت قوته وثقله وشعبيته، والالتزام بما تؤمن انت لوحدك دون ان تعتبر لفكر وعقيدة الاخر، اضافة الى المصالح الشخصية والحزبية الخاصة التي دفعت الى تعقيد الامور، واضروا بها الشعب واوقعوه في الوحل دون ان يعيدوا النظر في توجهاتهم، الى ان اصطدموا بالجدار المنيع من تفاقم الوضع وتداخل المصالح الاقليمة والداخلية، فيما اوقف مسيرتهم مضطرين بعد فشلهم ونكساتهم المتكررة، وتاكدوا بانهم على الطريق الخطا اخيرا ولكن بعد ان وقع الفاس في الراس او بعد خراب البصرة ايضا كما يقول المثل . وعلى الرغم من افعالهم المشينة حقا بحق الشعب، لم يعتذرو ولم يعترفوا واصروا على تعنتهم لما اوصلوا الشعب اليه ووصلت الحال الى ما نحن فيه من الفشل السياسي الذريع والغوص في الازمات الاقتصادية ، ولم يبق امامهم الا المغامرات التي ربما قد تودي بالتجربة باكملها ايضا، قبل ان نعتقد بانهم ينجحون ولو بنسبة ضئيلة جدا . اي اداروا البلاد بعقلية عشائرية و متخلفة ايضا لكون خطواتهم مستندة على ما يفكرون به في مساحة مصلحة قبلية ضيقة وفي رقعة صغيرة فكرا وعقيدة وفلسفة ومنهجا .

و من يفكر في هذه المساحة والاطار لا يمكنه ان يكون قادرا على مسايرة ما تتطلبه سياسية العصر وتداخلات المصالح في العالم الجديد، والذي اصبح قرية وتشاكبت فيها المصالح الاقتصادية لجميع ساكنيها والتي تعتبر من الظروف الموضوعية الجديدة المساعدة التي تقع لصالح الشعوب المغدورة والمغبونة، التي منع رؤية معاناته وفق قرار عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان، وانغلق نظر الاخرين خلال عقود طويلة كما حصلت من بناء ستائر قاتمة وجدران لمنع رؤية ما يحصل في دول الدكتاتوريات ومنها العراق .

ان الشعب الكوردستاني باغلبيتة الساحقة التي يمكن ان نحسبها ضمن الطبقة المتوسطة الى حدما، لم تصل المستوى الثقافي والوعي العام فيه الى مستوى يمكن ان يؤثروا على الراي العام لفرض ماهو الاصح على مسار السلطة طوال العقدين الماضيين، وهذا ما دفع الى بناء شبه كيان صاحب افعال وسلوك دكتاتوري بحت لا يختلف عما كان من قبل ولدى الدولة المركزية الا في لغتهم ولباسهم وبعض من عاداتهم تقاليدهم .

اهم اهداف الشعب الكوردي الذي يريد ان يرى كوردستانه محققة له هو؛ العيش بامن وامان وسلام في دولته المستقلة التي يستحقها وضحى بكل ما يملك من اجلها، على الرغم من اختلاف الايديولوجيات والمناهج والعقائد والفلسفات وفي ظل التعددية المتعايشة لا متضادة كما هي اليوم . غير انهم تلقوا ما هو على غير المتوقع من عدم توفر ما يحقق لهم المراد من ابناء جلدتهم اكثر من الاخرين الذي اعتبرهم المحتلين وغرباء عنهم .

انهم شعب لديهم الايمان بنفسهم لو لم تكن هناك العوائق المصطنعة من قبل اشخاص واحزاب. فتتحقق كوردستان مستقل امن لا تعتدي على احد ولا احد يعتدي عليها،غضون مرحلة قصيرة . كوردستان صاحب الثروة الكبيرة التي يمكن ان تساعد بها الاخرين من المستضعفين حتى من الدول الفقيرة، وللاسف الطمع والجشع والجهل بالسلطة والحكم في ظل انعدام الستراتيجية العلمية المعقولة البعيدة المدى، التي كانت الاهم في بناء الاساس القوي لتحقيق المراد بعد ان تاكد بان هناك حلقة مفقود لدى العقلية القيادية الكوردية المتخلفة،و التي اوصلت الحال الى ماهي عليه من الفقر والعوز والاضطراب السياسي وانتظار المجهول . كوردستان صاحبة تاريخ العريق الذي يفتخر بها الكثيرون، وان طمس نتيجة السلطات التي غطت عليه منذ ان سادت عليه بالقوة والغدر . نعم ان الشعب الكوردستاني يريد دولة مستقلة مؤمنة بالتاخي والاحترام المتبادل والثقة بالنفس والاخر والعيش مع جيرانه بامان وسلام واخوة بعيدة عن التعقيدات. ولابد ان يصل الى ما يريد اليوم كان ام غدا، وعلى الرغم من ما اثرت ما نتجته ايادي سلطته الذاتية من امور ابعدت كثيرا تحقيق اهدافه، واليوم يزايدون على اهدافه المقدسة ويسايسون على حساب دماء شهداءه بكل السبل . ولم يبق الا ان نقول ولله درك يا الشعب الكوردستاني، ولله انتقامك يا القادة النرجسيون الطامعون .

 

عماد علي

 

في المثقف اليوم