أقلام حرة

خسرنا قائدا كوردستانيا متواضعا

emad aliان نظرنا الى تفاصيل حياة القائد نه وشيروان مصطفى منذ بدايات خوضه في السياسة اكاديميا، ومن خلال تخرجه من قسم العلوم السياسية ومواقفه المعلومة حول القضايا العامة وما عبر عنها بامكانياته الادبية  العالية حينئذ، ومن ثم تركه لشهادة الدكتوراه وهو في نهايات مراحلها وتضحيته بها من اجل العودة الى ارض كوردستان تاركا طموحا شخصيا وضمانا للحياة الخاصة به من اجل الخوض في النضال السياسي والعسكري في جبال كوردستان، فهذا يدل على مدى ايمانه القوي وتمسكه بمبادئهطوال حياته،  مهما كانت ملاحظاتنا نظريا على توجهاته وليس على ما كان يتطلبه الموجود على ارض الواقع الذي كان يعلم كيف يتعامل معه، والذي انبثقت شخصيته منه وتمسك بما تتطلبه الظروف السياسية الاجتماعية الثقافية من الفكر والفلسفة الخاصة لجمع اكبر عدد من المنتمين الى تنظيمه من جهة، وامكانه التاثير عليهم والخوض في نضالات متعددة بهم من جهة اخر، وفي ظل عدم الابتعاد عن ما تفرضه الطبقية الكادحة مهما كان تعامله بواقعية وما كان بهتجي بها في امرار القرارات السياسية العامة التي كان ملما بما يمكن ان تفيد بها الفقراء والمستعضفين الكورد في نهاية الامر . مرالسيد نه وشيروان مصطفى جراء نضالاته في منحيات كثيرة طوال مراحل الثورة المستديمة والذي وصلت مدة خوضه للنضال الى نصف قرن تقريبا، وصارع وتحدى الكثير من الامور ان كانت شخصية لا تستند على اي امور فكرية او فلسفية اوعقيدية او ما له صلة بالمباديء العامة التي كان يؤمن بها . يمكننا ان نعتبره يساريا واقعيا متفتحا على افكار متعددة في تعامله مع الموجود على الارض بواقعية وبراغماتية اكثر من الاخرين وانه كان سكرتيرا لعصبة الكادين لمدة حوالي عقدين . ولا يمكن ان نصفه بانه كان قويما صرفا في التعريف الماركسي  للقائد الماركسي نظريا، الا انه ضحى بكل ما يملك في عمره وقدم حياته للطبقة الكادحة بسلوكه وعقليته وعقيدته الكوردستانية الخاصة، وعاش عمليا مع الفقراء والكادحين وفيهم  باحاسيسهم واوضاعهم المعيشية الى حد كبير جدا، وله الكلمة الجميلة في هذا الجانب، اذ يقول ، ان لم نتمكن ان نخدم الفقراء فاننا على الاقل يمكننا ان نعيش مثلهم في الواقع، وفعل هذا بنفسه وعاش كما يعيشون، على الرغم من  انه كان بامكانه ان يعيش حياة خاصة مترفة سواء قبل الانتفاضة او بعدها كما عاش اقرانه ويعيشون لحد اليوم .

اننا لا يمكن ان نعتقد بانه كان يطبق نصوص النظريات الماركسية والاشتراكية بشكل عام بحذافيره، الا انه عمليا وبعد تقييمه الواقع الكوردستاني وما يؤمن بانه ليست هناك ارضية يمكن ان تطبق او تترجم فيها نصوص النظريات اليسارية المختلفة سواء الماركسية كانت ام الاشتراكية الديموقراطية او حتى الليبرالية التي كانت الاكثرية متعلقة بها اثناء الثورة الجديدة وباسم الاشتراكية، انه كانت لديه نظرة خاصة في هذا الامر, وكان يعتقد بانه يمكنه ان يقرا الواقع بما فيه من الثقافة العامة وما يمكن ان ينتج من عصارة الفكر الجمعي من المجتمع الكوردستاني كي يعتمد عليه في سلوكه السياسي والفكري ويناضل وفقه . اي صارع ومر بمنحنيات واتخذ اساليب مختلفة في المراحل المختلفة من حياته السياسية الا انه لم يتنازل عن ما يكن يؤمن به طبقيا، وعلّم الناس بما يؤمن به بارادته ومن خلال حياته الخاصة وتعامله مع الموجود في كوردستان اجتماعيا ثقافيا وسياسيا . انه عاش في ظروف الثورة التي فرضت على القادة ان يكونوا سياسيين وعسكريين وشخصيات اجتماعية في القرى والمناطق المحررة من قبلهم طوال مراحل الثورة الجديدة . الظروف العامة للعراق والتغييرات الكبيرة التي شهدتها كوردستان الجنوبية فرض على الاخ نه وشيراون ان يكون القائد المتعدد العمل والتخصص في  النضال، اضافة الى انه كان اهلا للثقافة والمعرفة، وكانت له اليد الطولى في الصحافة والكتابة بما كان لديه من المميزات النادرة في هذا المجال فلم تجدها عند الاخرين . على الرغم من الملاحظات المقتضبة هنا وهناك التي ربما سجلت عليه، وانه كان ضمن تنظيم الاتحاد الوطني الكوردستاني وخاض غمار المعارك المختلفة بامر حزبه وليس بحريته الشخصية  او بقراراته الخاصة كما هو المعلوم، فان الظروف الموضوعية والذاتية لحزبه  في اية مرحلة كانت تفرض ان لا تحسب عليه ما صدر من قبل حزبه ونفذه كقائد وامر حزبي، وربما كانت بعض الامور المبالغة فيها يتطلبها الصراع الدموي وتخللها من الخطوات القاسية في حالات معينة، ومن يقيّم ما كانت عليه الثورة وكيف مرت والاخطاء الفادحة التي ارتكبتها كافة القوى، لا يمكن ان يحسب على القائد نه‌وشيروان بعض من ما تعامل به مع التكتيكات الخاطئة التي فرضت نفسها عليهم كحزب وقائد اثناء مسار السياسة التي اتبوعها ومن ضمنها المعارك المختلفة مع الاطراف المتحاربة مع بعضها، والجميع على علم بما جرى من تدخلات القوى الخارجية والمصالح العديدة التي كانت تفرض عادة بعض المساومات من اجل البقاء كحالة براغماتية اثناء النضال المعقد كما كانت حال الثورة الكوردستانية طوال مراحلها المختلفة القديمة كانت ام الحديثة .

ان تعامل الاخ نه وشيروان مع حال المستضعفين والطبقة الكادحة بما كان يؤمن به ويعتقد بانه يخدم قضيتهم بما یفعل" فانه نجح الى حد كبير في خدمتهم بقرارت عامة اصر عليها وهي من اجلهم ویقع لصالحهم في اخر المطاف، انه لم يدع ان يمر الدستور بما كُتب من اجل مصالح حزبية وشخصية على حساب مستقبل كوردستان وعموم الشعب وفي مقمدمتهم الطبقة الكادحة، انه نادى وجاهد باجتهاداته بما كان يملك من الامكانية من اجل العدالة الاجتماعية وتجسيد القانون والدستور المدني التقدمي واصر على تطبيق مفهوم المواطنة والاستناد عليه في القوانين والافعال والتوجهات السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية . وهذا حقا يقع في خدمة الطبقة الكادحة قبل الجميع، وانه بسلوكه وما سار عليه في حياته الخاصة اصبح رمزا للفقراء والمستضعفين والطبقة الكادحة جميعا.

 

عماد علي

       

 

في المثقف اليوم