أقلام حرة

علی اردوغان ان یخضع للامر الواقع

emad aliبعد ان استوضح لدى الجميع فشل اردوغان في اقناع امريكا على التراجع في دعم وحدات حماية الشعب في كوردستان رؤژآفا وامور اخرى ومنها تسليم غولن، وعاد الى بلاده خالي الوفاض ولم يبق لدى جماعته الا ان يصفوا ويتكلموا عن الامور الثانوية ومنها كيفية استقبالهم من قبل ترامب وبشكل مختلف عن سابقه اوباما ووضعيته امام الكامرات من جهة ومن جهة اخرى وكما يتحدثون بشكل متناقض عما يدعون من وقوف وفدهم والصحفيين كثيرا منتظرين دون وسائل راحة، ومدى تعبهم من انعدام وجود الاتكيتات المسهلة لامورهم واستقبالهم بشكل فاتر وشرائهم حتى لماء الشرب في البيت الابيض بعيدا عن كرم الضيافة المعهودة لديهم هم ! 

اليوم امام اردوغان خيارات قليلة ومحصورة في تعامله مع القضايا الملحة التي لها علاقة مباشرة بدولته كما يقول وبشعوب المنطقة وفي مقدمتهم الشعب الكوردي . اما يبقى على ما هو عليه متقلبا بين اليسار واليمين في تعامله مع المستجدات ويتخبط كما حدث لحد اليوم ويسير على ردود الافعال الوقتية وهو حائر بين الخضوع للامر الواقع او الوقوف ضد الامنيات الحقة والاهداف الواقعية للشعوب المغدورة في المنطقة، او يجد طريقة للحفاظ على ماء وجهه في التعامل مع من يعتبرهم من الاعداء حتى اليوم، او يجد مصالحه البعيدة المدى معهم من خلال ايجاد صيغة يمكن ان يضعهم في خانة يتوقفون في تامين مستقبله عليهم، ويمكن ان يتصوران يكون هو الامر الناهي ويفعل ما لخدمتهم في الوقت الذي يريد كما هو حال تعامله مع كوردستان الجنوبية وفرضه للخطوة التي فرضت تبعية السلطة الكوردستانية لهم ويفعلون ما يشاؤون وما لمصلحتهم في الوقت المناسب لهم لحد هذه الساعة، اي يمكنهم ان يضعوا السلطة الكوردستانة في النهاية امام نكسة جديدة حالما تقتضي ضرورة تعاملهم اهدافهم ومصالحهم ذلك، وكما حصل ابان الشاه في ثورة ايلول . ولكنه يعلم جيدا ان الظروف اختلفت والواقع غير ذلك وان القوى الكوردية في كوردستان الغربية ليست بذات العقلية التي حملتها القادة الكورد وفرضت على نفسها ان تخضع كليا لاوامر الشاه في حينه . اما في كوردستان الغربية اصبح السمة المهمة فيهم هي الاعتماد على النفس الذي اصبح من طبائعهم ولن يدعوا كل بيضاتهم في سلة احد لوحده ولم يقطعوا خيط التعامل مع الاطراف كافة، وعلى العكس تمام مما فعل الحزب الديموقراطي الكوردستان والبرزاني انئذ ووضع تمام بيضاته في جعبة محمد رضا شاه البهلوي  وحدث ما حدث .

الان يحلمون ويتوقعون فشل التعاون الامريكي الكوردي، وحتى يعتقدون بان الامن والاستقرار لا يمكن تجسيده بوحدات حماية الشعب لوحدها حتى بعد تحرير الرقة واندحار داعش، واملين بافكارهم  تلك ان يضطروا بعد ذلك الى التوسل لهم في طلب المعونة وبه تتراجع امريكا عن دعمها للكورد بعد  التوجه نحوهم . وهذا دليل واضح على فشلهم الكلي من اقناع ترامب على مراجعة قرارهم في دعم وحدات حماية الشعب في كوردستان الغربية .

فكل ما يعتقدونه ويصرون عليه وبانه يقع لصالحهم هو؛ الاختيارات الضيقة امام امريكا والتي تجعلها ان تتراجع في توجهاتها الحالية وسياساتها حيال المنطقة، وهم واهمون في ذلك، ومنها ان تضطر امريكا الى ارسال قوات اكثر من اجل السيطرة على الارض التي تتحرر من داعش لكي تديرها، وهذا يمكن ان يؤثر على الادارة ويضع عبئا اثقل على كاهلها وبالخصوص ان كانت هي لوحدها يمكن ان تتحمل تكلفة هذه الامور . او تضطر الى تسليم المناطق المتحررة الى النظام السوري وهذا يقع لصالح المحور الاخر من المحاور المتصارعة على ارض سوريا ولا يمكن ان يفيد بما يمكن ان تضع عليه اهدافها الاستراتيجية . وعليه، يمكن ان تعود الى تركيا في حينه ايضا، وهذا خيال ايضا لعدم تحسبهم لما يمكن ان يحدث فيما بعد داعش من الامور الاستراتيحية العامة التي يمكن ان تستند امريكا فيها على القوى الكوردية في المناطق المتحررة وبامكانياتهم الذاتية ايضا دون ان تعلم تركيا او تريد ان تضع راسها في الرمال كالنعامة هنا ايضا .  او في الخيار الثالث الذي تعتقده تركيا هو الاعتماد على القوى المحلية الاخرى بعيدا عن وحدات حماية الشعب وهذا الحلم التركي البعيد عن حتى ابسط امور العقلانية في التفكير، لمن يعلم من هم القوى المحلية ومن مهم الاكثر تنظيما وقوة وامكانية وتجانسا وتعاونا ومحقا وله اليد الطولى في السيطرة على الارض بعيدا عن كل القوى المحلية الاخرى غير وحدات حماية الشعب .

اي، تركيا بعد عودة رئيسه من واشنطن تتامل ان تكون التعاون الامريكي الكوردي صعبا على المديين المتوسط والبعيد، وتاتي ما تفرض امورا كي تضطر امريكا على التلهث نحوها من اجل استجداء التعاون والمساعدة في سوريا، حالمة بذلك دون حساب لما يجري ويحدث بعد تحرير الاراضي من داعش وما يمكن ان يفعله الكورد ايضا من جانبهم من اجل ترسيخ الاستقرار المنشود وبيان ما هم عليه من العصرية والمثالية الجميلة في التعامل مع المستجدات امام العالم وكما كسبوا حب وتعاطف العالم في دفاعهم عن كوباني، ستقدم النساء والرجال الابطال نموذجا عصريا وجميلا في الاراضي المتحررة في سياق حكمهم المدني الديموقراطي بعيدا عن الايادي الخبيثة التي تحاول عبثا على التحايل عليهم واستغلالهم للديموقراطية في وضع العراقيل الكثيرة امام اهدافهم الانية والمستقبلية ايضا .

اما من ناحية اخرى وفي تفكير اردوغان وما يمكن ان يضغط عليه القوميين المتطرفين، وهو في حال لا يمكن ان يتحمل اكثر من تنفيذ بعض من ارادتهم ويمكن ان يفرضوا عليه خطوات متاملين  في السيطرة عسكريا، وبه يغصون اردوغان في الوحل الغميق  المتلاطم دون ان يرحموا به، فيريودن ان يقدم على خطوة عسكرية كبرى في سوريا والعراق في ان واحد في الوقت المناسب لهم وهم على ما يعتقدون في الوقت التي تنهك فيه القوات الكوردية لحماية الشعب في معركة الرقة والمناطق الاخرى، ليتمكنوا من الظفر بهم ويسيطروا على الارض ويسرقوا جهودهم وتضحياتهم بعملية خاطفة، ويضعوا امريكا امام الامر الواقع،  وهذا لا يمكن ان يحدث بعيدا عن موافقة امريكا  من قبل او على الاقل ان تشعل الضوء الاخضر لهم او تضطر ان تدير ظهرها للكورد في حينه، وهذه خيانة كبرى ان فعلت ولا يمكن ان ينجوا ترامب من اللوبي الداخلي لدولته علىى الاقل، وعليه لا يمنكن ان نتوقعه دون تردد . او ربما تعتمد تركيا على اهل رقة للمطالبة بمن يفيدهم ان يحكموهم، ولربما تعتقد تركيا انها ام من الموالي لها المطلوبة في ادارة حكمهم، وفي هذا متوهمة ايضا، لانها بعيدة عن الواقع وما فيه . وتفكر تركيا بانها لو تقدمت بخطوات ستزداد امامها الخيارات عددا واستاعا، ويمكن ان تكتسب عطف امريكا او تضطر الى تغيير مسارها اضطرارا بما يمكن ان تقع على الارض من التصادم الكبير بين تركيا وان كانت لديها من عدتها وعددها الضخم من العسكر فانها لا تجد الطريق التي تتواجد فيه قوات جماية الشعب مفروشة بالورود، وستندم دون تحتسب للطريق الضيق التي يمكن ان يدخلوا فيها دون رجعة . وتعتقد بان هذه الخيارات المتاحة امامها لقطع الطريق امام من تعتبرها (صاحب المشروع العرقي)، ولا تعلم او لا تفكر على الاقل بانها حاولت من قبل بكل الطرق مع كوردستان الجنوبية ولم تفلح وان كسبت ود طرف من خلال الصراعات الداخلية والخلافات المزمنة بين اطراف الكورد في كوردستان الجنوبية، وعليه فهي الان تحاول  ان تدس بقوى تابعة لها وللحزب الديموقراطي الكوردستاني المتحالف معه كي تفعل ما فعلته في كوردستان الجنوبية، ولكن الايدي النظيفة في كوردستان الغربية تمنع من الاقدام على اية خطوة تؤدي الى ذلك حتى في المستقبل البعيد وان اقدمت ان تنجح فيها . وانها لا تعلم ان الكرة ليست في ملعبها والفرص قليلة جدا او بالاحرى معدومة امامها . وبهذا يمكننا ان نقول على اردوغان ان يخضع للامر الواقع مبكرا افضل له ان يكون مترددا، بعدما ادى ما عليه من محولات من اجل فشل ما يجري ولم ينجح، وهو خير العارفين ويعلم كيف يغير من وجهته دائما دون ان يعتبر لماء وجهه حتى .

 

عماد علي

  

 

في المثقف اليوم