أقلام حرة

اصابة تركيا بهستريا قوية ازاء السياسة الامريكية

emad aliان ما اصابت تركيا بعد التاكد من سياسة امريكا الشبه الثابتة ازاء ما يجري في سوريا وكوردستان الجنوبية، وبعد ان عاد اردوغان من امريكا خالي الوفاض وبخفي حنين، لم نر الا سياسات تتكرر وتوجهات تدفع اكثر الى ابتعاد امريكا عنها واضطرارها في ان تفضل الكورد في سوريا عن شريكتها الاستراتيجية في امور ملحة تفرضه المرحلة . لقد خسرت تركيا بزيارة اردوغان الى امريكا وحركاته البهلوانية اكثر من حال لو امتنعت عن الزيارة اصلا، وبها قطع الخيط الرفيع في تجاوب امريكا معها في همومها الخاصة بالكورد الذي شغل اكبر مساحة في تفكير السلطة التركية . وعلى العكس اندفع الراي العام الامريكي الى الضغط على سياسييها لاتخاذ موقف صارم ضد تركيا التي يعتبرها الشعب الامريكي بانها خرقت الخط الاحمر وداست على سيادة وقيم امريكا الثابتة التي تفتخر بها في العالم .

نرى التفات اردوغان الى روسيا بعد الزيارة اكثر من المعهود، ونرى تنازلات كبيرة له تعنتا وعملا بضغينة تحملها لامريكا كرد فعل نابع عن شخصيته النرجسية وما اصابته من الخزي والفشل المتلاحق نتيجة خطواته السياسية وتحركاته الداخلية والذي لا يمكنه ان يتحمله دون خطا اخر يزيده غوصا في الوحل . ازدادت تحركاته اكثر نحو روسيا وما يهمها متاملا في سحب البساط من تحت ارجل التحالف المبني على الارض في سوريا على غير مصلحته، ومحاولا بشتى الطرق ضرب الحال دون ان يعمل بما اضطر بها من قبل ازاء اقليم كوردستان وفشل في النهاية وخضع للامر الواقع في النهاية مضطرا، وانه يعتقد بانه يمكنه ان يغير شيئا لصالحه قبل ان يتبع سياسة التعامل مع الواقع الذي لا يمكنه ان يغيره مهما فعل وحاول وناور هنا وهناك .

من اكثر الاشارات الى تعرض تركيا واردوغان لهستريا قوية يبينها للجميع هو سياساته وادعاءاته وتخبطاته وتقيمه الخاطيء للوضع والمرحلة، هو توجهه الى اعادة الانظار الى تاريخ العثمانية وما فعلوه ابان امبراطوريتهم ضد قوات امريكا في المناطق التي استولوا عليها . فها يذكرون اليوم ما فعله واليهم في طرابلس( ليبيا ) بالقوات البحرية الامريكية في حينه وانتصر عليهم وفرض عليهم الانسحاب وغير ذلك من الادعاءات والتشدق والتبجح في هذه اللحظات التي يفور الراي العام الامريكي ضد تركيا .

انهم حقا يتعاملون مع النار والوضع الموضوعي دفع الى ان تكون المواقف كلها لصالح الكورد في نهاية الامر، ولم يتوفر هذا من قبل في اية مرحلة تاريخية، ولم يشهد هذه المنطقة من المعادلات التي تتضارب فيها المصالح المتنوعة حتى بين المتحالفين والذي يقع لصالح تقدم الوضع السياسي الكوردي وتقربهم من تحقيق امانيهم، لولا الاخطاء الداخلية في اقليم كوردستان وما اضروا بما يدفعهم الانانية والمصالح الضيقة الى وضع العراقيل امام تحقيق اهداف الشعب الكوردستاني لكان كرودستان الجنوبية في حال افضل واسلم وائمن من الان .

هل يمكن ان تمر ادعاء تركيا بان الخلافة العثمانية اذلت امريكا في حينه مرور الكرام عليها في هذه اللحظة التي تعيد نقاط السود من تاريخ امريكا الى ذاكرتها . في الوقت الذي نرى ابتعاد امريكا خطوات عنها وضمن حدود تبقى الاستراتيجية المهمة التي تفرض منع الوصال نهائيا فقط . انها تضع يوسف قرة مانلي والي طرابلس في حينه امام ترامب وتذكره بانه هزم اجداده، معتقدة انه يمكن ان يتعض منه غير مفكرة بان امريكا اليوم الاقوى عسكريا في العالم وتتصرف سياسيا وفق ما تهمها بدلا من الصراعات العسكرية وانها يمكنها ان تعزل تركيا لو ارادت بحركات وسياسات وتكتيكات كثيرة متوفرة لديها ومن خلال الموجود على ارض منطقة الشرق الاوسط فقط .  المضحك ان تعتبر تركيا ان ما تفعله امريكا هو من اجل اخذ الثار من المنطقة التي كانت تحت امرة الامبراطورية العثمانية من تلك المذلة التي لحقتها على ايديهم بامرة واليهم العثماني يوسف قرة مانلي . يمكننا ان نسال هل ما تسير عليه تركيا هو الجمودية في الفكر والسذاجة في العقلية، ام محاولة خدع المسلمين والعرب على انها كانت على راسهم واذلت امريكا واليوم تريد امريكا ان تاخذ الثار من الشعوب التي دعمت والي العثماني في حينه، ويريد ان يضرب بهذا التوجه عصفورين بحجر واحد؛ اولا يمكن ان تتوقع تركيا بانها قد تفرض على امريكا موقفا تضطر على تغيير سياساتها الانية بتذكرها التاريخ، ثانيا ان تقول للعرب والمسلمين بانها يمكن ان تدافع عنهم كما فعله واليها العثماني امام امريكا . ويبدو ان تركيا قد اصابتها الهستريا نتيجة فشلها في خطواتها وتريد ان تفعل ما بوسعها من اجل وقف تقدم الوضع الكوردي في سوريا باي ثمن كان، ولا تعلم بانها الخاسر الاول، وعلى الكورد ان يشكروا اردوغان قبل غيره نتيجة اخطاءه المتكررة وهي ما تقع لصالحهم حقا .  

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم