أقلام حرة

إضطراب الإلتباس!!

sadiq alsamaraiاللَّبْسُ واللَّبَس: إختلاط الأمر. ولَبَس عليه الأمرَ يَلْبِسه لَبْسا فالتَبَس إذا خلطه عليه حتى لا يعرف جهته.

فالأمور ملتِبسة، مختلطة مشوهة، متفاعلة بأساليب "مدوّخة"، تدفع بالبشر إلى التخبط والخوف والقلق وعدم الشعور بالأمن وبغياب الأمان، مما يؤدي للشك والكذب والإستثمار في الآليات الدفاعية النفسية الأولية في محاولة للحفاظ على البقاء.

ولهذا يسود الإسقاط والنكران والتبرير والإنتكاس، والتقوقعات الفئوية بأنواعها من طائفية وعشائرية، وقبلية وتحزبية ومافيوية وغيرها من الإنضمامات التي تُشعر أعضاءها بالإنتماء لمجموعة أيا كانت، لكنها تمنح الشعور ببعض القوة في واقع تلتبس فيه التفاعلات.

وعندما يكون المجتمع في حالة إلتباسية دائمة يصبح في مراوحة صعبة، وتتكاثر فيه التفاعلات الإستنقاعية الكفيلة بإطلاق دوامة الدمار والخراب، وتدفع به للدخول في دائرة مفرغة من السلوكيات الخسرانية القاسية.

واللَبَسُ أسلوب تنتهجه القوى المهيمنة على الآخرين، لكي تطوّح بهم وتفترسهم وهم لا يشعرون، لأنهم في مضطرب شديد، تزدحم فيه المشاعر السلبية بأنواعها وتتأجج بعنفوان ملتهب، مما يمنع العقل من العمل والحلم من الفعل، ويجعل المجتمع في طيشان مروّع يستنزف ما عنده من الطاقات والقدرات، حتى ليستسلم ويرضى بالتبعية والخنوع والذل والهوان.

 ويساهم الإعلام في تعزيز اللَبَس وتنمية عناصر ومفردات الإلتباس لخدمة المصالح، والجهات الممولة لوسائله العابثة بالوجود المجتمعي، والهادفة لتحقيق أقصى درجات التدمير الذاتي والموضوعي وبقدرات المجتمع، التي تم حرفها عن إتجاهها بطاقة اللَبَس المقيم.

ولهذا لا بد من الوضوح والموقف الوطني الإنساني الصريح، الذي يجمع ويمنع ويصد إرادات التفريق والتمزيق والتشويه.

فهل من مواقف ذات روح؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم