أقلام حرة

أنــَـا مَعَ الفِتنـَـة

rasheed alalimالكلُّ وَاكب مُجريَات الوَضع بالحُسيمة وبالمَغرب ككل، وعاينَ عَن كثَبٍ النفَاق الحِزبيّ للأغلبيّة الحُكوميّة وقرَارَاتها المتذبذبَة بخصُوص الحَراك الشعبي وسياسَة الشّيطنـَة والتخوين التِي يرُوحُ ضَحيتهَا كلَّ مَنْ قالَ لا للفسَاد ولا للظـُّلم.

هَذا النّوع مِن التعاطي مَع ملف الحِرَاك ليسَ غريبًا على دَولةٍ بُوليسيّـة قمعِيّــة تتبجّحُ بتوقيعهَا على الاعلان العَالمِي لحقُوق الانسان وغيرها من المَواثيق الدوليَّــة دُونَ أن تحترمَ مِنهَا ولو بُندًا واحدًا، فقد كان هَذا النظام مُنذ عضهد الحسن الثاني الذِي نسَجَ شرخـًا وَاسعًا بسبب سياسَة الحديد والتقتِـيل وبُغضِه لأهل الرّيف نتج عنه شق عَصَى الطاعَة بين الريفيين والنظام المَخزني، وليحتوي المَخزنُ الحِرَاك سَارع إلى أبواقه الرّخيصة الخاصة مِن صِحَافيين وأكاديميين وسِياسِيّين ...إلخ، ظنًا منهُ أنّ هذه الحيلة ستنطلي على المَغاربة الذين أبانوا عن نضج وسِلميّة ووعي كبير من خلال المسيرَات التي غطت ربوع المملكة.

وزارَة الدَّاخلية ومُديرية الأمن الوطني هَشَّمت رُؤوس المَغاربة بأكاذيب مفادُهَا أنّ نشطاء الحِرَاك يتلقون دعمَا مِن جبهة البُوليسَاريُو ومن إيران وحزب الله ومن دول أوروبيّة تسْعَى إلى زعزعت استقرار المَمْلكة... بينمَا لم تخرج بأي تصريح أو بيان تأكد فيهِ التهَمْ المَنسُوبَة إلى الحراك. مَا يعنِي أنَّ الفتنة ليست في تلقي الأموال بل فِي مُواجهَة فسَاد النظـَام المَغربي ومؤسسَاتِه.

إذا كانت الفتنة تكمن فِي الانتفاض ضدَّ الجُور والظلم والطغيَان والتعَسّف، فأنا مع الفتنة.

إذا كانت الفتنة تكمنُ فِي المُطالبَة بشُرُوط العَيش الكريم والعَدَالَة الاجتماعية والتقسِيم العَادل للثـرَوَات، فأنا مَعَ الفتنة.

إذا كَانت الفِتنَة تكمن فِي المُطالبَة بفتح جَامعاتٍ ومُستشفياتٍ ومشَاريع وتوفير فُرص شغل للعَاطلين الذِي يَختـَارُون فِي نهاية المَطاف مَا بَين التعاطي للمُخدرَات أو رُكـُوب البَحر.. فأنـَا مَعَ الفـِتنـَة.

إذا كانت الفتنة تكمن فِي المُطالبة بمحاسبة خدَام الدّولة ونهَّاب الدَّولة ومُحِيط الملك ورَبط المَسْؤولية بالمُحَاسبَة.. فأنا مع الفتنة.

إذا كانت الفتنة تمكنُ فِي سَحب الاعتراف بالأحزَاب السِّياسَية الكاريكاتورية التي تتهم الشَّعبَ بالانفصال كلما طـَالب برغِيف الخبز والحَد الأدنى من الكرَامَة.. فأنـَا مَع الفتنة.

إذا كانت الفتنة تكمن في فتح تحْقيق بخصُوص مِيزَانيات المَشَاريع المنهوبة والأورَاش المَسْرُوقة في الحسيمة وغيرها من المُدُن المغربية، وفِي مُحَاسبة المتورطين في الاختلاسات المالية.. فأنا من الفتنة.

إذا كانت الفتنة فِي أن يَقُول الشَّعب لملكه كلمة الحَق، وأنَّ يحمِلهُ مَسؤولية الأوضَاع فِي البلاد، وعَدم تحريك سَاكن فِي قضية الفساد المستشري في الجسْم الحُكومِي والسِّياسِي والاداري..فأنا مع الفتنـَة.

سبق للملك وأن سألَ الشَّعب '' أينَ تذهَبُ الثــَّروَة ؟ ''

هذه المَرَّة أجَاب الشَّعب وقال للمَلك مَن يَسْرقُ الثـَّورة، فهل يَا ترَى سَيتدخل مِن أجل مُحَاسبَة السَّارقين وإطفَاء غضَب الشَّارع ويصطفّ إلى جَانب الشّعب أم أنهُ إن فعَلَ ذلك سَيكون ملكا فتـَّانـًا؟

 

رشيد العالم

 

 

في المثقف اليوم