أقلام حرة

التفكير والتكفير

بداية أقرر، أنني من الذين يعتقدون أن الطريق للقضاء علي الجماعات الإرهابية ممثلة في (الإخوان المسلمين) والنصرة و(داعش) و(دالم) و(القاعدة) وغير ذلك من مسميات، يجب أن يكون شاملا وكاملا، ومن ثم يجب أن يمر، وهذه ضرورة، من محاربة فرع واحد هو الجماعة الإرهابية في مصر، إلي فروع عدة ربما تكون أكثر قوة وصلابة وطولا. خاصة إذا أدركنا أن الجذور الأصلية لهذه التيارات الظلامية، تقبع هناك في شبه الجزيرة العربية حيث بدأ الفكر الضال، حيث تتدفق الأموال الحرام بغير حساب من (البترول) النعمة التي بدلوها كفرا، حيث وقود القتل والاقتتال من الشباب المتوهم، كذبا وزورا وعدوانا، أنهم يتبعون القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، ويسيرون على نهج السلف الصالح، بينما هم في الحقيقة يدمرون بلاد المسلمين تدميرا، و يشردون أهلها في منافي الأرض، وهم الذين صاروا في ذيل الأمم حتي أصبح نصف اللاجئين في العالم من المسلمين.

لذلك فإنه إذا كنا فعلا وعملا وقولا، نريد اجتثاث الإرهاب نهائيا من بلادنا، فيجب أن نبدأ من تلك الجذور فكرا ومالا وشبابا، ذلك لأن الإرهاب راسخ ومتجذر هناك في شبه الجزيرة العربية.وبما أنني لست علي يقين بأن أحدا سوف يجرؤ على هذا التفكير، فإني أبشركم أن ظاهرة الإرهاب ستستفحل في بلاد المسلمين إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

وبعدما انكشف الغطاء عن النظام العربي، وصارت دوله البائسة في مهب الريح العاتية، أتضح الأمر الذي لا شك فيه أن أمريكا وأوروبا وبدو الخليج وتركيا وإسرائيل، هم الذين أنشأوا وصنعوا ودربوا وأمدوا بالسلاح والمعلومات كل تلك المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها القاعدة والنصرة و(داعش) في العراق والشام الذين خرجوا جميعا من رحم (التنظيم "الأم "الدولي للإخوان).

علي سبيل المثال لا الحصر، فإن البدو والخوارج (لا فرق) يرون أن المرتد عن الإسلام، هو المسلم الذي يعتقد اعتقادا خاطئا، أو إذا تقول قولا يخرجه من الدين، أو فكر "مجرد التفكير" في الخروج من الإسلام، أو أنكر معلوما من الدين بالضرورة، أو أحل حراما، أو حرم حلالا. كما أنهم يحكمون على المرتد عن الإسلام بالقتل حدا.بل يرون أن المرتد لا يستتاب ويقتل فورا.

استنادا إلي هذا التعريف البدوي الفاجر، يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد ارتد عن الإسلام، وأصبح كافرا، وبالتالي كان يلزم أن يقام عليه حد الردة بالقتل حدا!!!.

المؤكد أنني سأسمع صيحات وهمهمات هنا وهناك تقول :لقد جن الرجل وفقد عقله، ويلزم أن يودع عنبر العقلاء بمستشفى المجانين......أو سأسمع من يقول لقد ارتد الرجل ويلزم أن يقام عليه حد الردة فورا.....

المصيبة أننا نعيش في عصر ثورة المعرفة والإنترنت، الذي يتيح للجميع الحصول علي المعلومات، حيث تتعدد المصادر وتتباين وجهات النظر، فهل تريدون البقاء في مستنقع بلا قاع من الجهالة والضياع والاستسلام لتخرصات البدو الخوارج؟ أم هل تريدون أن تستمعوا لقول العلم، وتخرجوا من قبضة هؤلاء التكفيريين؟.

ولأن التاريخ لا يكذب ولا يتجمل، بل يسجل الوقائع ويحفظ الحقائق في سجلاته لمن يريد أن يقرأ ويفهم، وهذا التاريخ الذي لا لبس فيه يحدثنا عن أن البدو على الحدود الكويتية قد تحالفوا مع آل سعود، مدعين أنهم وحدهم هم المسلمون، وماعداهم مرتدون يستحقون القتل ودماؤهم وأموالهم وممتلكاتهم غنائم للبدو البغاة، والنساء سبايا استحلوا فروجهم.

علي هذا النحو، كان لا بد من تكفير المسلمين في هجر وبوادي شبه الجزيرة العربية ليستحل الخوارج دمائهم وأموالهم وممتلكاتهم ونسائهم وأعراضهم.

لكن أمر البدو الخوارج، استفحل عندما تدفق البترول وامتلأت الخزائن بالدولارات، فسخروها لنشر فكر التكفير في بلاد المسلمين ساعين لتدميرها، إرضاءا لأسيادهم في أمريكا وأوروبا وإسرائيل وحلف الناتو والصهاينة والماسونية العالمية.

وهكذا سخر أعداء الإسلام والمسلمين، بعضا من أثرياء العرب الذين ينتسبون للإسلام، لتحقيق أهداف أعداء الإسلام والمسلمين بأموال ودماء المسلمين.

 

بقلم: عبد السلام فاروق

 

 

في المثقف اليوم