أقلام حرة

تدمير تاريخ وفضح جوهر

khadom almosawiتدمير منارة الجامع النوري الكبير في الموصل، المنارة الحدباء، يوم الخميس الاخير من شهر رمضان (2017/6/22) واسقاطها متفجرة، اعلان صريح عن سقوط مشروع وفضيحة جوهر. المشروع الذي أطلق عليه الاعلام اسم "داعش" مختصرا إياه من اسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، والذي اخذ ذلك الاعلام وأجهزته الممولة والمصدرة له أو المشرفة عليه تبث عن كل عمل اجرامي ارهابي يحصل في أي مكان من المعمورة اعتراف "داعش" هذا بمسؤوليته هناك، لكل او اي من الجرائم الفظيعة. والجوهر الذي فضح هو ادعاء الاعلام عن المشروع انه تعبير عن طائفة وتطرف جماعة فيها ورد فعل والمنارة والجامع للطائفة ولكل المسلمين، وليس هناك شك فيه، وهو في كل الاحوال رمز تراثي لاهل الدين والمدينة. والاعتداء عليه بهذا الشكل الإجرامي اعتداء على الجميع.

ما حصل للمنارة الحدباء شهادة اثبات لانهيار ما سمي بالتنظيم، سقوطه قبل سقوط المنارة، متفجرة، من العبوات والالغام المسيجة بها، مصورة واقع حقد هذه الجماعة المتطرفة، المستخدمة، المؤجرة، لتنفيذ هذه الجرائم الكبيرة، التاريخية. مستعيدة سجل اسيادها وتاريخ افكارها، واستهانة معلميها بالتراث والحضارة والثقافة والفكر الإنساني.

تدمير المنارة الحدباء ليس تدمير بناء حجري تاريخي وحسب، وليس الاول ولا الاخير، وانما هو منهج تلك العصابات المجرمة، وتفجيرها وخدمتها لما تعنيه جرائمها في هذه الأماكن ومكانتها في كنوز التراث والحضارة العراقية والإنسانية جميعا.

وَصف الجامع ومنارته الحدباء كثير من الرحالة العرب والاجانب، لمكانته وموقعه واثره.. وسمي باسم النوري باسم مؤسسه، نور الدين زنكي، او الجامع الكبير تاريخيا، مشهود له في موقعه ومنطقته من الساحل الأيمن الغربي من مدينة الموصل، الحدباء، التي اتصفت به، هي الاخرى. من يوم بنائه في القرن السادس الهجري، عام 1172م، خلال الخلافة العباسية، اي قبل ما يقارب تسعة قرون قائما، عامرا بمنزلته ورواده، رغم كل الفترات والعهود التي مرت عليه، وعلى المدينة والبلاد.

انهيار المنارة يكشف بالشواهد الملموسة سقوط مشروع تدميري، خطير ولكن فلوله لما تزل باقية تتطلب العمل المتواصل للتخلص منها، ليس في المكان، وهذا ما يحصل، وحسب، بل والزمان ايضا، ما بعد التحرير والحسم. مَن يحاول تشويه صور معارك الصمود والانتصار يعبر عن أحزانه للخسارة الحاصلة وعن حنينه لأفكار ظلامية سوداء، أساءت للفكر والتاريخ والانسان. وينبغي أن تكون وقائع ما بعد المنارة شهادة للتاريخ ايضا، عن النصر والايمان والبناء والعمران ودروسا لكل من يعتبر بها ويجدد الحياة.

 

كاظم الموسوي

 

 

في المثقف اليوم