أقلام حرة

الأغتراب في الأدب والفن

ali mohamadalyousifعن الاغتراب: خلال الأعوام2006-2004 طرحت مخطوطات اربعاً من مؤلفاتي طباعة استنساخ على التوالي ضمن نطاق محدود مدينة الموصل. كان ابرزها كتاب (سيسيولوجيا الأغتراب – قراءة نقدية في فلسفة الاغتراب) يقع الكتاب بمدخل عام تفصيلي شامل مع ثمانية فصول موزعة في تغطية الأغتراب Alienation  فلسفياً-ادبياً.

ارسلت مخطوطات الكتب الاربعة ب(النت-Net)الى السيد حميد الفواز مدير عام موقع الكتاب العربي الالكتروني في بيروت WWW.arabicbook.com ونشرتها توثيقاً لملكية فكرية وجهد فلسفي اتعبني كثيراً مع الكتب الثلاثة الأخرى، خفت صراحةً عليها من السطو والأنتحال،  وعرضت الكتب الاربعة على الموقع الالكتروني المذكور.

طبعت مخطوطة كتابي عن الاغتراب بعنوان (سيسيولوجيا الاغتراب) طبعة اولى وصدر عن دار الشؤون الثقافية ببغداد 2011 بعد معاناة قاسية يطول شرحها، ولم يحظَ الكتاب بالعناية والاهتمام اللذين يستحقهما لا من ناحية االتعريف بالكتاب ولا من ناحية توزيعهِ وتسويقهِ لاسباب مؤسفة جدا لا مجال الدخول بمهازلها.

بعد عام التقيت في المعرض الاول للكتاب المقام في الموصل بالناشر خالد العاني مدير عام دار الموسوعات العربية في بيروت،  وعرضت عليه طبع الكتاب،  وصدر الكتاب طبعة ثانية عام 2013 بعنوان (فلسفة الاغتراب- قراءة نقدية منهجية في فلسفة الاغتراب).

ما أجده واجب الاشارة  اني كنت طرحت في ثنايا الكتاب وفي جنبات فصوله مسألتين مغايرتين تماما للطروحات الفلسفية التي تناولت ظاهرة الاغتراب :

الاؤلى : ان الاغتراب في الفلسفة والخطاب المتداول المجمع عليه، انه  سمة سلبية استلابية على صعيد الفرد او الطبقة كما هي لدى ماركس مثلاً في اغتراب الطبقة العاملة،  وكذلك لدى فويرباخ في الاغتراب الديني الذي اعتبره اصل ومنشأ جميع انواع اغترابات الانسان في كتابه المثير للجدل في الفلسفة(جوهر المسيحية). ولدى فرويد ونخبة طويلة من الفلاسفة.

واعتبارهم الاغتراب ظاهرة يتوجب استئصالها من خلال ازالة بواعثها و مسبباتها، فهي ظاهرة سلبية منحرفة في كل مقاييس ومناحي الحياة.

وهو الرأي المتداول الدارج في غالبية الاراء الفلسفية المسّلم به ايضا.

الثانية : وكانت الاهم عندي  هي اعتباري الاغتراب ظاهرة ايجابية تلازم المبدع الفنان او الاديب .وان اعتزال المجتمع ليس ظاهرة استلابية  للمثقف المبدع تقعده عن الفعالية الابداعية، بل عامل تحفيز له لممارسة مراجعة نقدية لظواهر المجتمع المنحرفة الواجب التصدي لها وتعريتها،  ولن يتم ويتيسر هذا للمبدع من دون الانعزال عن المجتمع بوعي وارادة  وحرية والعودة اليه برؤئ  جديدة تخدم تطلعاتها .  بهذا الصدد يقول الروائي الايطالي البرتو مورافيا في مقابلة صحفية : الانسان في جميع الازمنة والامكنة منفصم الشخصية،  بصورة لنسمها طبيعية،  وكان هذا الانفصام يدعى مرة بعد اخرى (روحا وجسدا)(عقلا وغريزة) (انا ولا وعيا).

بالنظر للخلط والالتباس حول مصطلح الاغتراب،  حتى لدى بعض المثقفين في عدم تمييزهم بين غربة واغتراب، ولفك الاشتباك الحاصل في تداخل المصطلح لغويا وتداوليا ارتأيت ادراج التالي على قدر تحصيلي:

1- الاغتراب الفلسفي Alienation  بمعنى انعزال الفرد او الجماعة عن تماسكها العضوي المجتمعي بسبب ظروف المحيط والمجتمع القاهرة المنحرفة التي تجعل بعض الافراد او الجماعة تعيش عالمها بانكفاء جواني،  واتخاذها الموقف السلبي من المجتمع،  وعجزها عن امكانية غلبتها عوامل اغترابها،  والخروج من عزلتها بالاصطفاف مجددا في توائم وانسجام مع المجتمع والمحيط بفعالية مغايرة لاغترابها، وهذه ظاهرة اجتماعية مادية ونفسية معقدة يتوجب ازالتها بازالة اسبابها.ويعتبر الاغتراب هنا سلبيا.

2- تغريب بريخت في المسرح الملحمي،  ويسمى ايضا التغريب المركب او تكنيك الاغتراب Alienation- Teqnicu                                  بمعنى ان الاغتراب عند المشاهد مطلوب استحضاره لذاته،  كوسيلة تعمد المسرحية او النص المسرحي المعروض في جعل المشاهد يتقمص ظاهرة الاغتراب كيما يكون الاغتراب دافعا له الى نوع من البحث والاستقصاء لاسباب ودوافع وبواعث اغترابه،  ومحاولة التغلب عليها في ايجاد حلول بديلة لها وازالتها اجتماعيا .وهنا الاغتراب ظاهرة ايجابية مطلوبة.

3-  غربة المكان Estrangment  بمعنى الترحال المكانِي وتبديل ومغادرة مكان الاقامة وهي مسألة طبيعية لدى جميع الناس لكنما الغربة لا تعني الاغتراب كما يتداولها الناس خطأً.

4- التغريب Westerzation بمعنى تقليد واحتذاء الغرب بانماط الحياة والسلوكيات و ضروب العادات الاستهلاكية الامريكية والاوربية،  وقد ينسحب ذلك احياناً على الرغبة في الاقامة،  واستعارة بعض المظاهر الاجتماعية،  وتعني ايضاً التبعية السياسية للغرب،  والاقتصاد،  والتكنولوجية......الخ.

5-  مرضى التوحد Autism وهي حالة مرضية تجمع انفصام الشخصية و الذهان النفسي والعقلي، فيه يسترسل الانسان المريض المصاب بالتخيلات القهرية من الواقع والهروب نحو عوالم يصطنعها مخيال المتوحد المريض،  وهذه الحالة المرضية لا تمثل اغترابا نفسيا ايجابياً يمتلك وعي الذات في ادراك الموضوعات والواقع .

6-  الفيلسوف المتوحد (الوحيد) Lonely-philosophy ورد مصطلح الفيلسوف المتوحد (كذا) وليس الفيلسوف الوحيد وهو الاصح في كتابات ابن سينا، و الفاربي، و ابن ماجه، والسهروردي في مداخلاتهم الفلسفية والتصوفية عن مدونة حي بن يقظان لأبن طفيل .وهو الفيلسوف الاغترابي المنعزل المتوحد الوحيد، الذي اعتزل المجتمع بأرادته و وعيه،  في محاولته ترك مسافة رصد ومعاينة نقدية للمجتمع،  ابتغاء تخليصه من امراضه وفسادهِ وانحرافه وهذا النوع من الاغتراب الارادي هو قسمة مشتركة مع اغتراب الاديب والفنان والمثقف عموماً.

اشكالية  النشر

صادفني قبل اكثر من شهرين، اني ارسلت دراسة فلسفية بعنوان: (الخيال واللغة والتصوف)الى مجلة (ذوات) المغربية، المتخصصة، تقع الدراسة في (11) صفحةa4  لم اعتمد بها  اجتزاءات نصية من مصادر، بل اعتمدت ذخيرتي الفكرية والثقافية في كتابتها.

بعد مرور مدة كافية سألت عن مصيرها،  فأجابتني رئيسة التحرير ما معناه انه قبل عرض الدراسة على خبير مختص للبت بنشرها، يتوجب علّيّ الايفاء بمطلبين: الاول ان اقوم بمراجعة الدراسة وتشكيل كلماتها بعلامات الاعراب واللغة،تحسبا من الوقوع في اللبس بين (يعرف، ويعرّف) . (الف رحمة ونور على العلّامتين د. مصطفى جواد، د. مهدي المخزومي)، فلا يزايد احد على عراقي باللغة العربية، فمن عندنا رافد النبع والاصل.

الطلب الثاني: ان الدراسة تحتاج تذييل في نهايتها بالمصادر والهوامش وا.

اجبتها ان تعتبر طلب نشري الدراسة لاغيا، مع ضرورة الاحتفاظ بامانة العائدية الفكرية للكاتب،  لأني سأقوم بنشرها في اكثر من وسيلة اعلامية وورقية لاحقا، ونشرتها لي المثقف الغراء واراحتني قليلا..

وقلت لها (رئيس التحرير) ايضا باقتضاب ان العربي الذي يجيد اللغة العربية كتابة وقراءة،  يكون تحصيل حاصل فهمه الكلمة المكتوبة تواصليا وتداوليا انه يعرف بالدربة والسليقة انه لاضرورة لتشكيل الحروف والكلمات بعلامات الاعراب اللغوية الا في حالات استثنائية ضرورية لبعض المفردات تحاشيا اللبس.

اما بخصوص تذييل الدراسة بهوامش المصادر والاحالات، فاني لم ارتكب جريمة حين اكتب نصا ابداعيا ابذل فيه جهودا فكرية،  ولا اكتب نصا انشائيا تلصيقيا بنائيته تقوم على تجميع اجتزاءات من هنا وهناك لتلصيقها ورصفها في كتابة لا انتسب لها ولا تنتسب هي لي .ثم بعد مدة ارسلتها الى موقع (فلاسفة العرب) وبعد ها جاءني الرد بالاعتذار لعدم توفر الخبير المختص للبت بصلاحية نشرها!!؟

بقيت ملاحظة : نسخة من الدراسة محفوظة عندي تحت اليد بانتظار المطبوع الورقي المتخصص الرصين الذي يتولى نشرها تحسبا من السطو الثقافي المسلح عليها، لاني والحمد لله صاحب تجربة غنية في سرقة جهودي الثقافية والفكرية، ولو كانت صفحتي على (فيسبوك)

تستوعب نشرها لما ترددت بذلك، وهو ما لا يفي بالغرض مع دراسة فلسفية، ولا يحصّنها من السرقة و ان موضوع الدراسة لايهم جميع متصفحي  التواصل الاجتماعي . فاتني اذكر ان موقعا ثقافيا سوريا متخصصا نشرها نقلا عن صحيفة المثقف، ما طمأنني ان توثيق الدراسة حصل في موقعين معروفين بنزاهتهما.

 

علي محمد اليوسف –  الموصل

    

   

 

في المثقف اليوم