أقلام حرة

سرقة الانتصار والدعايات المغرضة

ali mohamadalyousifيحار المرء كيف يعالج واقعة سياسية- اجتماعية متجذرة متفشية في عمق ووسط جمهورالمناطق المحررة من داعش، عمادها ساسة خبثاء شياطين يقودون جهلة متخلفين أخبث منهم!!، يعملون على تعميق الشرخ الطائفي، كلما استبشر الطيبون خيرا.

ساسة متخاذلون طائفيون مكّنوا داعش من احتلال ثلث مساحة العراق ولم يخجلوا، ووقفوا متفرجين لا بل مناصرين لداعش في جرائمه الوحشية، وانتهاكه لمقدسات المسلمين والمسيحيين والايزديين، وتقتيله ببشاعة نادرة ابناء تلك المحافظات، واغتصاب نساءها، وتهديم معالمها الأثرية والعمرانية .وسرقة موارد تلك المحافظات بما لم يفعله التتار.

ساسة ناصروا داعش وبدلا من حمل السلاح والمشاركة في تحرير مدنهم، وجدناهم يعقدون مؤتمرات الخيانة والطائفية في تركيا والاردن وقطر وغيرها من دول التآمر على العراق . وفضاء عرض السنتهم الطويلة الطائفية هو شاشات الفضائيات المأجورة، وفي الوقت الذي يتّضور فيه اطفال وعوائل مدنهم المنكوبة جوعا، نراهم يتنقلون خارج العراق بفنادق الخمسة نجوم، ويتنعمون بملايين السعودية ودول الخليج، في تغذية شحنهم الطائفي للوقوف في معاداة الحشد الشعبي الذي لولاه لسقطت بغداد هي الاخرى بيد داعش . والوقوف بوجه المد الايراني في العراق!!.

هذا التنصّل المزري لساسة باعوا ضمائرهم للشيطان ، في تخليهم القيام بابسط مجهود سياسي او عسكري مثمر، لتخليص ابناء جلدتهم من سطوة وظلم داعش، كانوا اداة رخيصة بيد دولة جارة في منع الحشد الشعبي من تحرير تلعفر، او المشاركة في تحرير الموصل، بما كان يوفر الكثير من التضحيات والجهد والوقت، مستغليّن ضعف الحكومة الاتحادية من حسم الامور المصيرية الوطنية بما يحقق للعراق سيادته .

ورغم قيام ابناء الوسط والجنوب، استجابة لنداء المرجعية في النجف الاشرف بالانتخاء وحمل السلاح لتحرير ونصرة المناطق الغربية،وبذلهم بطيب نفس ورضا خاطر، ارواح شهداء من خيرة شبابهم، نجد الساسة المتخاذلين يشككون بنظافة عمليات التحرير، وآخر طرح لئيم لهم ان تحرير الموصل على سبيل المثال دمّر البنية التحتية، وان عشرات من العوائل مدفونة تحت الانقاض، ناهيك عن النازحين والمهجرين ومعاناتهم .

هذا الطرح الخبيث يتعامى عن قصد وعمد جملة امور يعرفها الساسة المتخاذلون جيدا قبل غيرهم، ويتبناها جهلة متخلفون في التسويق الدعائي الطائفي، وتهيئة حواضن الارهاب من جديد، ان اول من يتحمل مسؤولية الخراب والدمار، وتهجير ونزوح الالاف، ودفن العشرات تحت الانقاض، هم الساسة الذين خانوا اهلهم وسهّلوا لداعش احتلال مدنهم وناصروه واخيرا وقفوا متفرجين على جرائمه، متكسبين طائفيا – ماليا من دول الخليج، متاجرين بدماء اهلهم ومآسيهم.

نسأل من هم الذين كانوا حواضن لداعش ومكنّوه وامدّوه باسباب البقاء والتمدد؟ وكانوا ابواقا مأجورة له في ساحات الاعتصام وفي خطب الجمعة والاعتياش على الدعايات التي توسع الشرخ الطائفي .

الشيء الآخر في مسؤولية الذي يتحمل دمار وخراب الموصل والانبار وغيرها من المدن، هو داعش الجبان اولا واخيرا لا غيره، الذي تعامل مع الابرياء قبل عمليات التحرير بالتفجيرات الانتحارية والعبوات الناسفة والمفخخات باستهانة واضحة وحشية بارواح الناس الابرياء .

هذه الاساليب اللا اخلاقية استخدمها داعش في محاولته صد تقدم القوات العسكرية، فالذي يحمل مبادئ اسلامية ويرغب بالذهاب الى الجنة والتمتع ب(72) حورية من الحور العين، عليه ان يقاتل بشرف في الشوارع وساحات المعارك، لا ان يحتمي بالنساء والاطفال والعوائل ويعرض حياتهم للموت ومنازلهم للتدمير على رؤوسهم .

البعض من السذّج لجهل او تغابي كان يرغب تحرير الموصل والمدن الغربية بسلاح الحجارة والطماطة والبيض، حفاظا على البنية التحتية من التدمير وصيانة ارواح المدنيين .

لقد عمدت قيادة عمليات قادمون يانينوى امام المآسي التي يرتكبها داعش بالاحتماء بالمدنيين، خاصة في مرحلة تحرير الموصل القديمة، حيث الازقة الضيقة، والاكتضاض بالمدنيين وخوفا عليهم ولانقاذهم، جرى  تحييد طيران الجيش في عدم المشاركة في التحرير قدر الامكان، واخرجت الاسلحة الثقيلة وحتى المتوسطة من المعركة، وبذلت واريقت  دماء وارواح زكية طاهرة، واطالت امد المعركة خوفا على ارواح الناس وبيوتهم وممتلكاتهم .

انه مع الاسف الشديد اذا كانت تعقيدات المعارك بهذا المستوى من تقديم التضحيات، في مجتمع لا يرغب بصدق ان ينهض، في تعطيله ضمير الحق، واعمال العقل، بدلا من النفاق الرخيص والازدواجية الضحلة، الكل يعرفون حقائق الامور لكن غالبيتهم لا يعملون ولا يساعدون على تنفيذها، ويكتفون باطلاق الاشاعات الهدامة الفوضوية وكيف ما اتفق، وكانما هذه المجتمعات فطرت للعيش في الجهل والتخلف ومحاربة العقل.

 

علي محمد اليوسف

 

 

في المثقف اليوم