أقلام حرة

الفراق

akeel alabodوانت تفارق عزيزا الى مثواه الأخير، غير ان يغادرك هذا العزيز حاملا حقيبة سفره نحو محطة اخرى من محطات زمن تعبت أوصاله، ليحط برحاله عند بقعة من المكان تحتاج الى استراحة.

لذلك وانت ترسم دموع محبتك عند رموش لحظة مفارقة من لحظات هذا العمر، الذي تخفق ساعاته محمولة فوق اكتاف رحلته المتعاقبة، ستحتاج حتما الى تعريفة سفر يصعب الحصول عليها، خاصة عندما تنوء بك الدروب، لتجبرك الى العودة الى طرقاتها الوعرة بعد هجرتك الطويلة.

 الفراق احيانا يعني ان تفترق بك السبل، لتشعر انك لوحدك من تطوف به بقاع هذه الارض المترامية، ولذلك انفاسك ستجدها تشاطرك العزاء، وهي تفترق عنك كما يفترق عنك الاحبة.

شهيقك وزفيرك هو هذه النبضات، التي تهرب من اقفاص اتهامها، بعد شرودها خارج مساحات هذه المسافة من الجسد.

 هذه الحركة المتدفقة تشبه الى حد ما حقيبة سفر تحملها طائرة الخطوط الجوية، حينما تغادر بك خارج وجودك المكاني.

 كتلتك المتحركة عندما يقطعها الزمان، اجنحة الخوف تطوف بها فوق فضاءات، يصعب إيقاف اتجاهاتها الملبدة بالغيوم،

بينما في ذات الوقت، حقيبتك البلاستيكية، اوالجلدية يضعونها في رفوف شحن تتعرض زاوية الميل فيها الى الانكماش، لكي تستقبلها بعد حين نقطة ميل تركن في زاوية يصعب رؤيتها على الناظرين.

وهذا الحين قد يتطلب منك جهدا استثنائيا، يفوق نشاطك هذا الذي أتعبته الطرقات، لذلك يصبح من الصعوبة التقاط حقيبتك في حدود خارطة المكان، والزمان المحددين  لهما اثناء الرحلة.

يومئذ وبعد عناء ستلتقي بحقيبتك التي تضم في جوفها ما تحتاج اليه من الأمتعة، بينما في ذات الوقت، انفاسك المتبعثرة، تلك التي تعرضت الى قياسات الفحص الطبي تعلن أنباء مغادرتها دون عودة.

المعنى اننا كما تودعنا الحقائب، وهي تحمل أمتعتنا اليومية، لنلتقي بها، كذلك انفاسنا تودعنا، ونحن ايضا نودع اخر  نبض من نبضات هذا الجسد الذي اريد له ان يحمل فوق تابوت نعشه  اكتاف هذا الجسد الذي يطوف بِنَا في كل زمان ومكان، دون ان يلتفت لمصير ذلك النبض.

 

عقيل العبود/ ساندياكو  

 

 

في المثقف اليوم