أقلام حرة

لیس لدیك البدیل وترفض الاستفتاء؟

emad aliخالجنی شعور لم اعلم مكنونه الا وبعد ان تعمقت كثیرا فیما فكرت قبله واذا بي كنت في حيرتي من مواقف البعض حول المواضيع العامة التي تهم الشعب بكله وكانهم يتناولون ما يخصهم شخصيا او عائليا دون قراءة ما يحيط بالموضع من متطلبات عملية الاستفتاء من توفيرالارضية وضمان العوامل المؤثرة عليه او حساب ما يحوم حوله من العداء والمصالح المتناقضة او المعادلات المقاطعة للهدف من اجل التقليل من افرازاتهم . وما يؤسفني جدا ان تكون اصحاب القضية الحقيقيين هم في وحل الاخطاء والتراكمات التي لا يفرقون بين ما جرى وما يمكن ان يجري بمواقف نابعة من الفكر السطحي لما يحملون ويعلنون او بالاحرى من التناقضات السياسية وما يتشبثون به من المصالح التي تجبرهم على اتخاذ مواقف وحملهم لاراء وطرحهم لتوجهات لا يؤمنون به اصلا عقيديا وفكريا وتاريخيا كما نعرفهم، سواء كانوا قادة لجهات معتبرة او شخصيات  لها القدره  على فرض ما يحمل وهم من طفحهم الوضع المتغير ممن فرض حظهم على ان يكونوا ضمن تلك التشكيلات التي برزتها الظروف العامة لكوردستان خلال سنين الماضية ولاسباب ليست في محلها وفي مقدمتها التناحرات والصراعات التي وصلت الى قمتها في نخر جسم الامة الكوردية في هذا العصر وما ابلوا به الشعب من الاقتتال الداخلي .

اليوم ورغم الازمات العميقة التي تفرض نفسها على المواطن الكوردستاني، الا انه يشغل جزء من تفكيره بعملية العصر السياسية التي تجد نفسها في الاستفتاء واستقلال كوردستان، بما فرضت نفسها على الجميع وهي التي واجهت اقوى الاعتراضات من الجهات العديدة داخليا واقليما وعالميا، لاسباب متفاوتة ومختلفة عن البعض ولكل عذره اويدعي ما ينبع من مصلحته الخاصة دون النظر الى تاريخ الكورد وما عانوا من اجل هذا الهدف الاسمى لديهم .

انني لا اريدا ان اتكلم عن الدول المجاورة التي فُرض الحاق الكورد بهم عنوة دون رضاهم ووفق المصالح العالمية التي فرضتها الاستعمار ومن تعاملوا معهم بغياب راي الكورد انفسهم في حينه، بل هنا اركز على الجهات السياسية والقيادات والشخصيات المعتبرة الكوردية التي ربطت مواقفها بمصالحها الخاصة من جهة وما وضعت نفسها فيها من عدم تمكنها من رفض ما يطلب منها هنا وهناك داخليا وخارجيا ممن لهم الفضل عليهم .

و اننا نعلم جيدا باننا اضعنا الوقت كثيرا، سواء في عدم ضمان الارضية او في اجراء العملية ووالوصول الى الاستقلال التام بذاته . وبناءا على ما يدور حاليا من الامور فيمكن ان نقول هنا للشعب ان يسال عن هذه المواقف التي لا يمكن ان تاتي اصحابها بحجج مقنعة لمن يؤمن بمستقبل الكورد وحق تقرير  مصيره وما ضحى الكثيرون بانفسهم من اجله، وثمكننا ان نطلب ونسال :

1- بين بوضوح تام وبحجج مقنعة وبتحليل عقلاني علمي واضح وصريح وما يمكن ان تقنع به ما تعلن به ان الاستفتاء والاستقلال هو ليس هدف سامي ولا يحلم به الشعب كاسمى ما ضحى نفسه من اجله من جهة، وان لديك البديل المناسب المقنع بانه هناك ما يمكن ان يحل محل الاستقلال ويكون لخير الشعب الكوردي في مثل هذه الظروف السياسية الاجتماعية الثقافية التي تحمله مثل هذه القوميات السائدة والمسيطرة على زمام الحكم في هذه البلدان ومنها المتكاة على عصا المذهبية اضافة الى العرقية، ويمكن ان يقتنع الكورد بانهم يمكن في اية مرحلة وولو بعقود متاخرة اخرى  ان يلقوا تعاملا حسنا منهم وكانهم مواطنون ليسوا من الدرجة الثانية كما هو حالهم لحد اليوم . وبيّن انه من الممكن ان تقنع نفسك قبل الجميع بان الابتعاد عن تاسيس دولة هو الحل في ظل هكذا حال وبهذه العقليات التي تحكم هذه البلدان التي لا تؤمن الا بالتسيد والتعالي والتعامل مع الكورد من  عرشهم العاجي .

2-  في حال التراجع عن عملية الاستفتاء المزمع اجراءه في كوردستان واعلان الاستقلال في نهاية المطاف، هل هناك من طريق افضل لما يمكن ان نصل نحن كالشعب الكوردي اليه وبهذه القيادة التي نعرف ما هم عليه وما فعلوا ونحن ادرى بما يحملون من العقلية كما نامل ان يوصلونا اليه من  شاطيء الامان ولو في مراحل بعيدة، وهل يمكن ان نقنع نفسنا على الاقل ونامل ذلك وننتظره مهما كان ؟

3- هل من المتوقع ان تكون المناطق المستقطة في افضل ما تكون عليه بعد دحر داعش وتفرد الجيش العراقي والحشد الشعبي في ظل سيطرة القوى الخارجية على توجيههم وفق المصالح المختلفة لديهم ؟

4- فهل يمكن ان نتوقع ان يكون التوجه الحالي للقيادة الكوردية مجرد تكتيك يقف عند عملية الاستفتاء فقط دون الخوض في مخاض الاستقلال من قبل هذه القيادة التي اوقعت كوردستان في مطبات وحفرة الازمات المستفحلة  التي اثقلت كاهل الشعب وازدادت من معاناته اليومية علاوة عن عدم تامين مستقبله وسيطرة الخوف على مستقبله ومصيره في ظل تزايد التناحرات والتداخلات العراقية المركزية والاقليمية وتعقيدات المعادلات التي تفرض نفسها على الاطراف في البحث في ضمان مصالحهم جميعا موحدين متعاونين دون الكورد .

5- هل يمكن ان تكون المواقف بناءا على ان هذه العملية هي مغامرة في هذا الوقت ويمكن ان نصل لنتيجة تفرض التراجع عما نحن فيه مسرعا، او فقط تخمينات نابعة من المصالح الضيقة من اصحاب التوجهات والافق الضيقة ؟ وعليه لم يدع ما جرى خلال العقدين الماضيين اي ثقة بكل هذه الاطراف من حيث الالتزام بالخط الاحمر والمصالح العليا للشعب قبل التنظيمات التي ينتمون اليها .

6- فهل فكر الممانعون من الكورد انفسهم في قدرة القيادة على مثل هذه الامور نتيجة التجارب والتعاملات الماضية ام مجرد تعنت ومواقف مبنية على الخلافات الاخرى ولاسباب بعيدة عن اصل الموضوع؟

7- فهل يمكن ان نتوقع بان المعترضين على عملية الاستفتاء من الكورد انفسهم يؤمنون بان بناء الدولة قد ولى وقته وان التعايش السلمي والمباديء الانسانية والمساواة هي التي يمكن ان يناضل من اجلها الشعب الكوردي غافلين او متغفلين من تقييم الواقع في هذه البلدان والشرق الاوسط بشكل عام, على انه لا يمكن ان نصل لمستوى الدول المتقدمة في غضون حتى قرون اخرى وليس في المراحل القريبة الاتية، وهم يعيشون في الخيال اكثر من الواقع .

خلاصة القول، ان الاعتراض على مثل هذه العملية المصيرية دون ابراز بديل مناسب ومقنع لا يدخل الا في مساحة الخلافات الحزبية على حساب الشعب وامانيه . وكذلك نقول ان ما يصر عليه الديموقراطي الكوردستاني والمؤمنين معه باصحية الموقف ليس الا مغامرة يمكن ان تصيب او تخيب في اخر الامر نتيجة الصعوبات وتعامل الاعداء والاصدقاء ايضا، وعليه لا يمكن رفض الموقف دون بيان البديل المناسب للشعب بعيدا عن الاحزاب ومذلاتهم . 

 

عماد علی

  

في المثقف اليوم