أقلام حرة

ميزانية العراق بين الغدر والهدر

akeel alabodتضامنا مع حقوق الجميع من الشهداء والمستضعفين، بلا استثناء

قال الله سبحانه وتعالى في سورة الرحمن " وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان ". صدق الله العلي العظيم

صديقي الدكتور العالم البايولوجي الصيدلاني اشتغل في العراق لأكثر من عشرين عام في باب اختصاصه، ومدة ذلك وبأقل منه، فترة أمضاها في عمله في كندا، لكنه لم يحصل على حقوقه التقاعدية من بلده الام، بل حصل عليها جزاء فترة اخرى أمضاها في عمله الذي كان في كندا، ذلك بعد ان شارف على الثمانين.

 وهذا ان دل بتشديد اللام طبعا على شئ، فانما يدل على  ان هنالك قانونا ثابتا اسمه قانون التقاعد بعد العمل، وجزاؤه هو المبلغ الذي يحصل عليه الان صاحبي، وغيره من المتقاعدين، ليس في كندا فحسب، بل في جميع دول اللجوء التي يعرفها القاصي، والداني، والمعنى ان لا احد تضيع حقوقه في دول اللجوء، حتى المصابين بعاهات مستديمة جسدية كانت، أم عقلية- فان حرم بضم الحاء هذا وذاك من حقه في وطنه، واقصد العراق، فانه حتما سيحصل عليه في وطنه الذي "امنه من خوف" كما ورد في سورة قريش.    

  

اليوم وانا اتطلع الى بعض اللقطات التي سجلت بضم السين وتشديد الجيم وكسرها للدكتور عدنان الطائي* في برنامجه بصراحة،  لفت انتباهي موضوع يتعلق بشهداء الحشد الشعبي، حتى رحت مسترسلا بطريقة التداعي، لاستذكار مواكب الشهداء عامة، وعندما أقول عامة الشهداء تعقيبا على كلام الدكتور الطائي، انما اتذكر شهداء الانتفاضة الشعبانية الذين اطلق عليهم الرصاص وهم احياء، ودفن الآلاف تحت الارض بالشفلات، حيث المقابر الجماعية في معظم أنحاء البلاد كالهولندي في الناصرية والمحاويل، وأتذكر ايضا الشهداء الذين تحدوا الطغاة، بما فيهم شهداء حزب الدعوة وشهداء الأحزاب الاخرى المناوئة لنظام الطاغية انذاك حيث تم إبادتهم مع عوائلهم إبان تصفية الأحزاب السياسية نهاية السبعينات.

وبين قصة، وقصة، غصة، وغصة.  اما عن القصة، والقصة غصة، وغصة، فانما أودّ الاشارة بها الى شهداء سبايكر والكرادة، ومدينة الصدر، وغيرهم كثر وكثير، حيث أمكنة الوطن وارصفته، واسواقه، وشعرائه وكتابه وسياسييه، واعلامييه، وجيشه، ومستضعفيه، وفقرائه ومعوقيه. اما عن وما فيه، فانما اقصد بساتينه، وأرضه، ونخله، وفراته ودجلته، ومعادنه، بما فيها كبريته ونفطه، سمائه وأرضه، حره وبرده، صيفه وشتائه، حروبه طواغيته، حكامه، سنوات العمر التي امضوها فيه.

وأقول هذا لكأن الارض التي من أجوائها، بطونها، وسمائها ولدت، ارض الفراتين احتوت الجميع، بعد ان أنجبتهم، وارضعتهم من ثديها تمر الرحمة، ومن فمها ماء الخير، فما فلان بأولى من فلان، اذ الجميع أبناء النهرين ومن تربته ونخله ترعرعوا. 

لذلك وانا حيث مثلما غيري نتطلع اليوم الى عراقنا الذي انهكته الحروب، واستنزفت امواله السياسات، والقنابل، والمؤمرات، يؤسفني حيث من باب الشئ بالشئ يذكر،  ان يصبح الجاهل بهذه الحقوق قاضيا، ومشرعا بتشديد الراء وحاكما، وسياسيا، حيث على اساس اقواله تقرر النفقات، وتوزع الثروات، فيبخس حق هذا وذاك في نيل حقه من  الخيرات.

هنا في هذا الباب، اظهر الدكتور الطائي على شاشة التلفاز،  فضيحة وطريقة توزيع جثماين شهداء الحشد الشعبي، وراح الرجل بحرقة قلب يتحدث عن مبدأ الاولوية في توزيع الاستحقاقات، مظهرا حجم البؤس الذي وصل اليه العراق في الاعتداء على اهم مقولة من أصول الدين.  لقد اسقطوا العدل تحت قناع ما يسمى بالعدل، فالبسوه لباسا آخراً وتجاوزوا على 'حقه المقدس'.

المعنى ان ميزانية العراق وحقوق الشعب المهدورة يجب ان تستعاد طريقة النظر فيها، ويجب ان يكون هنالك قضاة عدل يتم تخصيصهم للنظر في أولويات توزيع مايستحقون من حاجات مراعين دقة الوزن، لكي تبقى مقاديرهم محفوظة عند الجميع،  والله شاهد على صدق النية.

 

عقيل العبود/ساندياكو

*https://m.youtube.com/watch?v=QA_AERhZwOM

 

 

في المثقف اليوم