أقلام حرة

مكتبة لاميسا

Starbucks And Library- Lamesaakeel alabod

رفوف الكتب تم توزيعها بطريقة تشبه صفوف كلية دراسية من الدرجة الاولى، فكل رف تم رصفه بمجموعة مؤلفات تحمل عنوان ذلك القسم-

Psychology, Sociology, physics, Buddhism, philosophy, Science , Biology, Chemistry, Business, cooking ,Astronomy,  Geology ,Christianity, Judaism, History, Quran,

الخ من الموضوعات الاخرى والتي تشير الى مديات اخرى تتفرع كانها دوائر مائية تنتشر في مساحات ممتدة عبر محيط يكاد ان يتسع الى فضاءات اكبر من فضاءات مؤسسة علمية متخصصة لتدريس بعض المواد المذكورة أعلاه.

ناهيك عن رفوف اخرى تتسع في مدياتها لاستيعاب وسائل إيضاح متطورة على نمط اجهزة حاسوب من النوع الصغير iPad. مضافا اليها وسائل إيضاح صورية وبطاقات يمكن استعمالها لأغراض ال explanation

رائحة المكان كانها تتنفس معك عند الصباح، اوربما عند المساء بساعاته المنضوية تحت غطاء ما بعد الغروب، رحيق الياسمين يختلط احيانا برائحة القهوة وبعض المرطبات المصنوعة في ال Starbucks المطل بنوافذه وبعض المناضد على تلك الامكنة المعدة للمطالعة المجانية.

المكان تحتويه مع إطلالتك سمفونية لهايدن، ربما او لموزارت، اضافة الى بعض المقطوعات، التي يتم انتقائها دائما بطريقة تتلائم وما يحتاج اليه القارئ.

الرفوف تجتذبك اليها، كانها تنظر اليك، تحدق في عينيك، تحلق نحوك، هي تعرف بطريقة ما لغة زبائنها دون حاجة منها الى وجوه أنثوية، تلك التي  يتم توظيفها أصلا لاجتذاب المتسوقين في أسواق الملابس والاكسسورات الضخمة الخاصة بالمولات الكبيرة، والتي تضم Macy, Sears, وغيرها.

المكتبة التي تدور حولك بفضاءاتها، تشبه ميناء سفن عائمة تنتظر ركابها لكي تبحر بهم بعيدا نحو شواطئ منتشرة في عالم لا تستطيع برؤيتك القاصرة ان تدرك حدوده.

 اما مقاعدها، فهي نفسها تلك الكراسي، التي تم ترتيبها كانما بحسب ابجديات اللغة الانكليزية، مضافا اليها مقاعد سفر اخرى تنتظر من يستقلها من المسافرين، لكي تنطلق بهم نحو اي منتجع يتم اختياره.

صديقي بروفسور m، يعد واحدا من الزبائن الذين تستهويهم نكهة المكان، مضافا اليها جميع العناوين الجديدة من الكتب.

ذات يوم سألته عن وضعه الصحي، قال لقد ادركت اكثر من ذي قبل، ان العلاقات مع الاخرين اصيبت بداء حب المال، والانشغال بقيود التجرد الإنساني، خاصة بعد اصبح الحصول عليه بطريقة رخيصة يشغل بال أكثرهم، اولئك الذين تحدثت عنهم بالامس...جماعة... وجماعة.... لهذا نأيت بنفسي تحاشيا لل side effects،  وبعد ذلك وبحسب قوله، عرفت انه ترك ال iPhone الصغير، أقفل عليه، منصرفا باتجاه الميناء الذي صار كل صباح ومساء قبل رحلته الى العمل وبعدها يلتقي به، يحرص على زيارته كما يحرص غيره على زيارة الأضرحة، هنا وبطريقة تكاد ان تكون بعيدا عنهم، صاحبي تراه قريبا الى نفسه.

هو اضافة الى قراءاته المتعددة، تراه يجلس كعادته عند ساحل ذلك الميناء؛ معزوفاته تذكره بروايات أنتونين كوين، يتطلع، يؤرق مع ذاكرته بعيدا نحو تلك الروايات، يتذكر احداث بعضها باللغة العربية، يوم كان يستعيرها من جارته صاحبة المكتبة الكبيرة.     

كان طالبا في الصف الرابع الإعدادي،  شارلوت برونتي، وجاك لندن، وأميل برونتي، وديكنر، واُخرى. الروايات تلك ما زالت تشكل أقصى انواع المتعة والخيال بالنسبة اليه.

هي ذاكرة ما انفكت تدور في خيال صديقي بروفسور m، وهو يستعيد علاقاته القديمة مع الحياة كل يوم،  بمجرد ان يرمي بأثقال حمله عند مرفأ أحجاره.

 الشواطئ دائما تبحر به نحو جزر الكناري، واُخرى تكاد ان تكون اجمل من تلك التي يتزاحم عليها اصحاب ذلك ...

لذلك بروفسور m كان يعتبر نفسه اكثر حكمة وتعقلا من غيره وأقل ارتباطا بمحيطه الاجتماعي الذي لم يعد يشغله عن اهتماماته، لعله بلقاءاته المتكررة يستنشق عطرا آخراً من عطور هذه الموضوعات التي تبهر الناظر اليها، لا من خلال العناوين، بل عندما يرتدي بدلة الغوص المعتادة لينزل الى أسفل القاع، ذلك الذي تعيش بين قواقعه تلك الأحجار.  

 

عقيل العبود/ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم