أقلام حرة

الطرح الدوركيمي لمبدا تقسيم العمل ..

khalid boufrayouaلا يمكن ولوج الحقل السوسيولوجي بدون دراسة الإرث العلمي الشاسع الذي تركه صاحب الطرح الوضعي "اميل دوركايم"، باعتباره اول عالم اجتماع فرنسي اخذ على عاتقه مهمة تحديد موضوع علم الاجتماع ومجال دراسته والمنهج الملائم له ..نشا ما بين أحضان اسرة يهودية فهو احد احفاد كبار اليهود، ترعرع ما بين اذرع اسرة تنحذر من حاخامات المذهب العبراني الجديد وهذه النشاة دينية كانت ذات اثر واضح في معظم كتاباته السوسيولوجية .يعتبر احد دعائم الحركة العلمية في القرن 19 وأوائل القرن 20 وهو مؤسس علم الاجتماع الحديث وزعيم المدرسة الفرنسية "الوظيفية" ولقد ترك للمجتمع السوسيولوجي من دارسين ومدرسين،تراثا علميا يتمثل في مجموعة من المؤلفات والمقالات إضافة لانشائه المدرسة الفرنسية لعلم الاجتماع ..

1. 1893 تقسيم العمل الاجتماعي

2. 1895 قواعد المنهج في علم الاجتماع

3. 1897 الانتحار

4. 1920 الاشكال الأولية للحياة الدينية

5. 1924 علم الاجتماع والفلسفة

ويعتبر كتابه تقسيم العمل أهم النصوص المنهجية في علم الاجتماع والتي حللت التصورات الطارئة خلال القرنين 18و19م لذا خصص دوركايم الكتاب ليوضح رأيه في إمكانات تطبيق المقاربة الوظيفية من منطلق يعتبر الوظيفية مبدأ نسبيا منهجيا . وهو يرى انه قد ترتب على تقسيم العمل شدة الصراع من اجل البقاء والاستمرار،فكثرة العدد تفرض على الأفراد ضرورة التخصص المهني مما يقلل من حدة الصراع ويتيح فرصة أوسع للحصول على وسائل الحياة  .وعن الوظيفة الايجابية لتقسيم العمل يرى دوركايم أن تقسيم العمل وما يترتب عليه من تباين بين الأفراد يعمل على تدعيم نوع من التماسك المتبادل في المجتمع وينعكس هذا التساند المتبادل على العقلية الإنسانية والأخلاقيات كما انه يبرز في ظاهرة التضامن العضوي ذاتها .وكلما ازداد هذا التضامن رسوخا قلت أهمية الضمير الجمعي .وهكذا يستبدل القانون الجنائي القائم على جزاءات رادعة بقانون مدني إداري يهدف إلى حفظ حقوق الآخرين بدلا من العقوبة . ويعتقد دوركايم أن ظاهرة تقسيم العمل ليست حديثة النشأة ولكن الجانب الاجتماعي منها كان أكثر ظهورا في أواخر القرن الثامن عشر ولقد تطورت إلى الحد الذي جعلها عامة وواضحة لكل فرد ولعل الاتجاه الذي اتخذته الصناعة الحديثة يكشف لنا بوضح مدى عمومية وانتشار هذه الظاهرة والصناعة تهدف إلى تقسيم العمل إلى ابعد الحدود وأصبحت المهن منعزلة متخصصة ليست فقط داخل المصنع بل أصبح كل إنتاج في حد ذاته متخصصا من ناحية ومعتمد على غيره من ناحية أخرى كذلك في معظم قطاعات المجتمع سواء في الوظائف الادارية أو العلمية أو غيرها ونجد شبيها لذلك أيضا في الكائنات العضوية والمجتمعات .ويرى دوركايم انه لكي نصل إلى تعريف موضوعي لتقسيم العمل لابد من ملاحظته ومقارنته ودراسته كحقيقة موضوعية ومجردة ولما كان تقسيم العمل يتضمن كل من القوة الإنتاجية وقدرة العامل لذلك فهو شرط ضروري لتقدم المجتمعات سواء أكان فكريا أو ماديا،والوظيفة الأساسية  لتقسيم العمل انه يخلق شعورا بالتضامن والتماسك والترابط بين الأفراد علاوة على ذلك له اثر ملحوظ وواضح في زيادة الوظائف المقسمة المتخصصة ويعتبر من إسهامات دوركايم كذالك تصوره وجود شكلين أساسين من التضامن بين أفراد المجتمع يعكسان بصورة أساسية نظريته نحو التطور والتغير الاجتماعي وهما:

 التضامن الآلي: وهو إحدى خصائص المجتمعات التقليدية التي يتضاءل فيها نظام تقسيم العمل .حيث يحدث نوع من التماثل والتشابه بين أنماط العمل السائدة في هذه المجتمعات كما تظهر المعايير الاجتماعية باعتبارها قوة ضاغطة وتمارس نوعا من القهر والإجبار .وتحدث نوع من التماسك حيث تتمثل المعايير والأعراف والتقاليد والقيم وتتقارب وجهات النظر والآراء إلى درجة كبيرة .

 التضامن العضوي: وهو إحدى خصائص المجتمعات الحديثة المتقدمة التي تقوم على نظم معقدة لتقسيم العمل وتنوع نمط العلاقات التعاقدية التي تؤدي إلى انخفاض درجة التضامن الاجتماعي وندرة مظاهر التضامن .كما تؤدي إلى  تفكك العلاقات الاجتماعية وضعف قوة الضبط الاجتماعي وظهور مظاهر متعددة للانحراف والجريمة والتعدي على حقوق الآخرين .

 

بقلم : خالد بوفريوا

 

في المثقف اليوم