أقلام حرة

إن كان القضاء غیر منصف

emad aliلقد قرانا كثيرا عن القضاء العادل المنصف في العصور الغابرة وحتى العهد الملكي في العراق، الا انه ومنذ ان ادركنا ما هو عليه العراق بعد تاسيس الجمهورية التي من المفروض ان تكون اكثر اهمية وعدالة الا انه من المؤسف كان القضاء لعبة بيد السلطة وبالاخص في عهد الدكتاتورية وكم جرائم ارتكبتها المحاكم العراقية نتيجة تنفيذهم لاهواء الحاكم الدكتاتور. ولكن بعد السقوط توسمنا خيرا من مجريات الامور ومن جانب القضاء توقعنا على الاقل توفير الارضية لانبثاق قضاء ومحاكم عادلة تستند على القانون بشكل مجرد في بيان قراراته . غير ان عملية تحديد اعضاء المحاكم الحساسة والمصيرية التي تضعهم امام خيار الولاء للسلطة التنفيذية اكثر من اتباع طريق لتثبيت استقلاليتهم او تاثر مصالحهم بمؤسسة او شخص جعل القضاء الى حد كبير تابعا للاشخاص المتنفذين والمؤسسات التنفيذية الحاكمة وبالاخص رئاسة الوزراء وعليه شاهدنا كل القرارات تواكب متطلبات واهواء السلطة والمتنفذين فيها . وعليه يعلم الجميع كيف يُصدر القرار في اية قضية كانت من قبل اية محكمة موثوقة غير مرتبكة ومستقلة بمعنة الكلمة، اما اكثر القضايا التي مررنا بها من قبل المحكام العراقية الخاصة بعد السقوط ونعتبرها جدية مقارنة بما كانت وان كان الدافع هو على الاقل لحفظ ماء الوجه فانهم يتحفظون او يؤجلون القرارات الخاصة لحين وضوح التوجهات السياسية للاعتماد عليها في بيان كيفية اصدار القرارات بعد ذلك .

هذا بالنسبة الى ما يهم المركز والقضايا الخلافية حول مشلكة تخص الجميع دون استثناء، اما القضايا التي تدخل في طياتها الخلفيات الاثنية المذهبية فان نتائجها واضحة للعيان منذ بداياتها وكيف تكون، وعليه لم نجد لحد اليوم قرارا قضائيا صادرا من اية محكمة عراقية مستندا على الخلفيات القانونية الصرفة ومن دون ان يتاثر بالمواقف السياسية والفكرية والايديولوجية، فان كان تعيين القاضي ورئيس المحكمة والمواقع الحساسة الخاصة من شؤون الشخصيات المتنفذة واصحاب القرار التنفيذي والسياسي فكيف يمكن ان نتوقع بروز قضاء عادل مستقل وبعيد عن المؤثرات المختلفة .

ان كان اي قرار صادر لصالح الاقوى، ونابع من مصلحة المتنفذين ومراكز القوى، ان كان القاضي تابعا وغير مستقل، ان كان سلوكه وتوجهاته ومن ثم قراراته تكشف للجميع مدى تبعيته، ان كان تملقه وتزلفه سرا وعلنا يكشف ما في حوزته وكيف هو عليه من الاستقلالية المزيفة، ان كان لا يميل ولو بدرجة واحدة عن نزعات سيده ومتطلباته، ان كان تابعا وليس مركزا مستقلا، ولم يثبت موقعه العالي الذي من المفروض ان يكون فيه فان امر العدالة مشكوف فيه . وعليه ليس من المثعب ان نعلم مسبقا ما يمكن ان يخرج من اروقة المحاكم وبالاخص الاتحادية والادارية حول قضايا مختلفة عليها .

بالامس خرج من المحكمة الادارية ما يرضي المركز والقوى الفاعلة حول كركوك، دون ان يستند هذه المحكمة الموقرة التي هي معلومة للجميع كيفية انبثاقها وقراراتها وتوجهاتها وتبعيتها، بدلا من التريث والتاني والتعمق في القضية التي هي في اساسها محل خلاف عميق وبعيد المدى ولها افرازاتها، وهي تقرر بهذه السرعة ما لصالح المركز ومجموعة متعصبة فقط دون الاخذ بالاهم او على الاقل التريث كما كانت حال المحكمة الاتحادية في قضايا لها تاثيرات جانبية، فانها وعلى ما هي عليه فانها تبني اصدار قراراتها على التعصب والخلفية الانانية الفكرية دون اي اسناد قانوني كما هو المعلوم، فقط من اجل مجموعة . فهل استرسلت هذه المحكمة فيما وراء دعوة مجموعة معينة من قومية واحدة وهي متعصبة لحد النخاع وتريد التبعية لهذه وذاك خارج البلاد لترد رفع العلم الكوردستاني في محافظة اكثريتها كوردية ولها الحق في رفع اي علم مهما كان نوعه وشكله لو ارادت الاكثرية وفق القانون ذاته الذي تتبعه هذه المحكمة العارقية .

وعندما تكون هذه حال المحكمة والقضاء فكيف يمكن تبني موقف سليم منها من قبل الاخرين غير الواثقين من ما ورائها . وعليه يمكن ان نعتقد بان القانون سيكون دائما الى جانب الاقوى كما استوضحته لنا المحكمة الادارية في العراق وكيفية اتخاذها القرار المجحف والذي يرد عليه ويسبب في انعدام الثقة اكثر بالقضاء، واية محكمة كانت في العراق يمكن ان يرجع اليه الجميع لبيان اصحية اي قرار . فكركوك كما هي قضية وتاريخ فان كل ما يمسها ليس بالسهولة ان يفرضه اي احد بهواه ومن اجل مصلحته، وان كان باسم اية مؤسسة كانت وفي مقدمتها القضاء التابع غير العادل البعيد عن الانصاف .

 وهكذا اثبتت المحاكم العراقية مرة اخرى عدم نزاهتها وبينوا تبعيتها وعدم صحة قراراتها وبياناتها وعدم التعمق في امور تهم المكون الاخر الذي من الممكن ان لا يؤثر ما تتخذه على موقعهم وموقفهم ونظرتهم من الاساس . فانهم بهذا الموقف والقرار غير المنصف المتخذ لارضاء مجموعة فقط سجلوا بقعة سوداء في تاريخ القضاء العراقي وما انتظره العراقيون لم يكن في محله وان القضاة الذين نفذوا اوامر الدكتاتورية هم انفسهم اليوم ينفذون ما يريده الاقوى بين المتنفذين . فاننا في حكم الغاب اذن

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم