أقلام حرة

متى نستفيق من مخدر (الشعب العظيم)

fatimaalzahraa bolaarasتجتهد الامم الحديثة في تربية أبنائها على الثقة بأنفسهم واحترام ذواتهم وبالتالي احترام الآخرين واحترام الآخرين يكون كليا ولا يتجزأ ولا يقاس بلغة أو دين أو وطن. نعم لابد من الانتماء لمجموعة معينة والتعاون معها فنحن مضطرون إلى ذلك بحكم أننا كائنات اجتماعية وإن شئتم كائنات سياسية مادمنا ننتمي إلى أوطان عديدة تختلف في تاريخها وموقعها وأشياء كثيرة أخرى والمهم أن هذه الأسباب جميعا تجعلنا نحدد وجهتنا ونبدو بما نحب أن نكون

ولأن الإنسان مجبول على محاربة الظلم فإن تاريخ الشعوب كلها ملئ بقصص الصراع بين الظلم والعدل بين الاستعباد والحرية أو بين الخير والشر باختصار

وكان تاريخ الجزائر حافلا بالصراعات وكان الفرد الجزائري مقاوما منذ بداية التاريخ لكل أشكال الظلم البشري من غزو أو سطو أو غير ذلك

أما أبشع ما تعرض له من قهر وظلم فقد كان الاحتلال الفرنسي الذي لازال العالم لم يشهد له مثيلا بشهادة القوم أنفسهم أي المستدمرون وليس المستعمرون لأنهم لم يعمروا شيئا بل خربوا وهدموا الأكوان والإنسان

ولقد قاوم الشعب الجزائري هذا الاستدمار البغيض منذ اليوم الأول قاوم وفشل وقاوم وانتصر لما تهيأت الظروف وأراد الله له ذلك  خاض ثورة نوفمبر التي توجت بطرد المستدمر الغاشم بعد قرابة الثماني سنوات من الدماء والدموع  وبعد أن خسر شبابا هم الصفوة و رجالا هم النخبة لأنهم دبروا وقرروا وجاهدوا وانتصروا.

ومهما كان مجدهم عظيما وجهادهم قاسيا ومهما كان وفاؤنا عميقا ودائما واعترافنا بفضلهم واجبا وضروريا فإنه لا بد أن نخلص في النهاية إلى القول

تلك أمة قد خلت من قبل لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت

صحيح أنه يحق لنا أن نفخر بما فعلوا فهم أجدادنا وأسلافنا الذين إليهم ننتمي  وبهم نقتدي ولكن في حدود ما يدفعنا إلى الأمام ولا يثبطنا وفي حدود ما يجعلنا نفهم موقعنا من الأمم الأخرى التي تفتخر بماضيها كما نفعل وتتشرف بسلفها كما نأمل

لكن الذي لا يليق هو أن نظل نراوح أماكننا ونحن نتحدث عن ماض مجيد لم نفعل شيئا لكي نواصل  العمل من أجل أن يكون حاضرنا أكثر مجدا أو على الأقل أكثر (اجتهادا)

لقد خدرتنا مقولة(الشعب العظيم)  إلى درجة أننا تسمرنا عند صورتها نرددها بحماس أصبح مخجلا ولا يليق بنا ونحن في عصر التفتح على كل الأجناس والبلدان

ولو كان المجد يورث بلا عمل لكنا أمجادا منذ انتسبنا إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم دين الحق والحياة الذي أمرنا بالعمل  والسعي أكثر من شيئ آخر

ولكنا أمجادا لأن الأمير عبد القادر منا وابن باديس منا ومالك بن نبي منا ومولود قاسم منا وأبوالعيد دودو منا فماذا فعلنا نحن لكي نكون منهم ؟

جهادنا كلام كان في المقاهي فأصبح في الفضاءات و الملاهي

سعينا كان البناء فأصبح الخواء

حلمنا كان السير إلى الأمام فأصبح كلاما في كلام

أصبحنا أهش من غثاء

كلام كثير سهر كثير نقد كثير (فهم كثير؟؟؟؟) والواقع شئ مرير

والسؤال الذي يطرح نفسه :

مادمنا نعرف (كل شئ) وفي كل شئ

نعرف أسباب التخلف ونعرف (أن اليهود) سبب كل مشاكلنا وأن (الأيادي الأجنبية) تحاول تهديمنا (من الداخل) ونعرف ونعرف ........

فلماذا إذن (لا نعرف) كيف نقاوم كل هذا؟

لماذا ندمر أنفسنا بالجهل والعناد والإصرار على الكسل والفشل

في رأيي أن الفشل يأتي من (الفوضى) نعم الفوضى(غير الخلاقة)

في رأيي أننا نفشل لأننا نعتفد أن رأي الواحد منا أصلح

نفشل لأننا لا نتقبل بعضنا لا رأيا ولا مناقشة ولا حتى إنسانية

أصبحنا قوما أنا نيين نفكر ببطوننا ورغباتنا وتفاهاتنا  ونقول مالا نفعل حتى إذا تذكرنا ماضينا رحنا نردد أننا شعب عظيم

الشعب العظيم لا يستعمل البذاءات في كلامه ولا يرمي النفايات في شوارعه وأحيائه بل ينقي لسانه وأقواله وينظف مكانه على الأقل (كما يفعل الحيوان)

الشعب العظيم لا يشتم أولياء أموره ولا يسفه آراءهم لا يسخر من رجال الدين والمثقفين والأساتذة والمعلمين بل يناقش بالحجة ويقتنع بالدليل ويستمع بأدب ويعترض بتحضر.

الشعب العظيم يعي ويفهم أنه ليس (عظيما)

اعترضوا ما شئتم على ما كتبت فأنا أتمنى أن تعترضوا ولكن اقنعوني بأسباب اعتراضكم ليس بالعناد ولا با(الماضي)

لن تفعلوا ببساطة لأنكم لن تقرأوا المقال وتلك هي مشكلة الشعب العظيم :أنه لا يقرأ

سأنتظر  ولكن (كان غيري أشطر)

لست عظيما يا شعبي العزيز

فمتى نستفيق من مخدر الشعب العظيم ؟

 

فاطمة الزهراء بولعراس

جيجل يوم 21 أوث 2017

الجزائر

 

 

في المثقف اليوم