أقلام حرة

النهوض الزائغ!!

sadiq alsamaraiحاولت الأمة النهوض وما نهضت، وأرادت الصعود فانحدرت، وسعت للتوحد فتفرقت، وحسبت الدين منقذها فاختنقت، وإستحضرت الديمقراطية فانسجرت، وتحزبت فتعضلت، وجاءها النفط فافتقرت، وخَطَتْ وما تقدمت، ذلك أنها إنحرفت فبوصلتها تحطمت!!

نعم إن الأمة قد إنحرفت، وما تمكنت من تعديل مساراتها وإصلاح بوصلة وجودها، وإنما مضت كسفينة في لجج الموج والعواصف والأعاصير، تتخبط ذات اليمن وذات الشمال، وما وجدت وقتا للنظر بأحوالها ومراجعة فكرها وآليات تفكيرها!!

والأمة إستكانت لعجزها فتكاسلت، وفضلت الطبخات الجاهزة والأفكار والنظريات المعلبة، وما إجتهدت بزراعة ما تريده في تربتها، ولا تعلمت كيف تصنع طبخات وجودها اللذيذة الضرورية لولائم حضارية منعشة وباهية.

فكل ما يتحقق في أروقة الأمة مستورد، ومصنّع في بلدان غيرها، وما فيها يؤخذ منها ويُعاد تصنيعه، وتصديره إليها بأغلفة ذات مسميات تنجذب إليها، ولهذا فأنها تسممت بما تحتويه الأغلفة الجذابة الخدّاعة، فتأكل طُعمها وتتحول إلى صيد في صنارة تجار الشعوب والثروات والويلات.

والأمة لا تنتج أصيلا، وإنما منتوجاتها زائفة ومغشوشة ومنتحلة، أي أنها تعيش في عوالم تضليلية كاذبة خادعة لذاتها وموضوعها، وكل ما جرى فيها على مدى قرنين وأكثر، مزيف ومحرّفٌ ومبتسرٌ، وقادمٌ من حيث لا تدري، وكل ما عندها إبن أبيه وحسب!!

ولهذا فبعد عبثية قرنين من التخبط والتوهم والتحريف والتخريف والإنحراف، على الأمة أن تسترشد بلبها وتستدعي نواهي كينونتها، وتعمل بطاقاتها الذاتية لصياغة موضوعها الحضاري والمصيري، الذي يجب أن تؤكده لتحافظ على قدرات بقائها الصحيح.

أي أن منطلقاتها يجب أن تتغير، ورؤيتها أن تتبدل، ودينها أن يتأصل، وجوهرها يجب أن لا يؤوّل، فالأمة فيها ما يؤهلها لتكون أوّل!!

فهل ستتغير الأمة وتنظر خارطة محتواها وما حولها، وتبتكر مسارات نهضتها وولادتها وخروجها من الظلمات إلى النور، مرة أخرى، بعد أن إنطفأت أنوارها، وتعثرت خطواتها، وتهاوت في حفر إندثارها، وتجاهلت مصالحها وقدراتها، وإستعانت يغيرها على نفسها، وإرتضت مصير الفريسة، وكأن التعويق ديدنها والإتكال على الآخرين حرفتها؟!!

فلكل منطلق فكرة تترجم ذاتها وتصنع موضوعها ومعالم مسيرتها!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم