أقلام حرة

الغاء الاستفتاء قرار انتحاري؟

emad aliعندما تقرر بشكل عفوي ودون حسابات موضوعا مصيريا جوهريا حساسا يهم كافة الافراد وله الصلة المتينة بامنيات وامال وتاريخ الشعب، ويستقر في وجدان الناس، وسالت من اجل تحقيقه دماء خيرة ابناء هذة الامة، فانك وان ذهب راسك عن طريقك الذي اخترته سواء باعتباطية او بعقلانية مدروسة يجب ان لا تخذل الناس وتستمر في طريقك باي ثمن كان، ولابد ان تقنع الناس بما يمكن ان يحصل قبل ان تتنازل وتعود بادراجك مذلولا من دون ان تستشير الناس بما قررت ومن ثم تتراجع بما تمليه عليك مصلحتك دون ان تفكر بما تسببه للشعب . فهل فكرت فيما يحصل من الياس وانت تهز كيانهم من دون ان يتجرءوا يوما بعد هذه النكسة الجديدة في طلب هذا الشيء او يلمحون له بعدما يتعقدون منه، وبدلا من تحقيق المراد سوف تحرق الورقة الحاضرة في ايدي الكورد الى الابد بمغامرتك غير المحسوبة النهاية ومن ثم تقرر عكس ما وعدت بعدم التراجع عنه ابدا.

فهل من المعقول ان تجعل الناس فی اخر نقطة الیاس من تحقیق اهدافهم وتدعی السیر الی اخر الامر وتتراجع بحجج ولم تحسب لما یبرز وانت تدعوا دون ان تعلم الارضية غير المناسبة وتعقد الامر ولم تدع فرصة للناس ان يطلبوا بحقهم حتى وان تجسدت الارضية المناسبة لما يمكن ان يتحقق الهدف المنشود في اية مرحلة اخرى كانت . انه الجنون وعدم المعرفة ببداية السياسة وما تتطلبه الستراتيجية في اية بقعة من العالم وليس في هذه المنطقة الشائكة والمعقدة فقط .

بعدما سمعنا بان الوفد الكوردي يذهب الى بغداد من اجل اطلاعهم على الاستفتاء واليته وكيفية التفاهم من اجل اقراره بسلام وامان مع المركز، ومن ثم نسمع بان هناك مشروعا من عدة نقاط على عكس الادعاءات وفيها من المساحة الواسعة للمساومة على غير المعهود، فهل هذا ممكن ان لم تلقى الاذن الصاغية ولو بكلمة واحدة، بل يمتنع البعض في المركز السماع للمفهوم وورقة العمل التي حملها الوفد الى بغداد وما ادعى الوفد بانه ذاهب الى ما يمكن ان تناقش الاعتراف باحقية العمل من اجل الاستقلال وتعود دون ان تحقق الخطوة الاولى لادعائك ومن ثم تذهب وتعيد الكرة و تستند على مشروع اخر بديل .

انك قررت بامر حزبي تشكيل وفد غير مستند على اي قرار شرعي او قانوني من مؤسسة تشريعية او قانونية، والوفد مشكل من ممثلي الاحزاب ولا صلة باكثرية الشعب به ومن ثم تجعل ما يهم الشعب بايدي ممثلي الاحزاب وهم يتناقشون الامر مع المركز من منظور احزابهم ومصالحهم فقط والامر يهم الشعب اكثر من اي حزب .

كنا قل تفائلنا بقرار اجراء عملية الاستفتاء متاملين بانها وان كانت بدات بامر وقرار حزبي ويمكن ان تكون وراءه مصالح حزبية وشخصية ضيقة بعيدة عن الهدف ذاته، قلنا ربما يكون خيرا ونستنتج من الخطوات المطروحة ما يفيد الشعب مع ما يفعلون من خلفياتهم الحزبية غير الملتزمة بالمصالح العليا للشعب، توسمنا خيرا من ان يفيدوا الشعب بما يعتقدون بانهم لخير احزابهم . اي انهم ارادوا ان ينقذوا انفسهم من الازمة الخانقة التي اوقعوا اقليم كوردستان فيها والفشل الذريع في اداءعملهم وادارتهم وسياساتهم وسلطتهم، فتاملنا ان يكون الشعب من المستفيدين ايضا الى جانب احزابهم عسى ولعل يقفزوا به من القلق الدائم الى الاستقرار وحتى المهزوز لفترة معينة . الا ان خيبة الامل التي اصابتنا كانت نتيجة ما تلمسناه من الوفد الحزبي الكوردي صاحب المرجعية الحزبية فقط عندما تسربت ما بدر منهم وكيف تعاملوا مع الموضوع وكانه ورقة بيدهم من اجل المساومة والحصول على اهداف تكتيكية يومية، ومن اجل الحفاظ على ماء وجههم وهم يتراجعون عن ما وعدوا الشعب به، لو لم يكن الكلام المعسل في العزف على نوطة الاستقلال وتحقيق الهدف الحزبي ولم يكن وراءه شيئا الا من اجل الخروج من النفق الذي اوقعوا احزابهم فيه فقط، لما نسمع اليوم بتراجعهم في بغداد .

انني على اعتقاد بان اي قرار للتراجع بهذا الشكل الذي نسمع به لن يكون الا قرارا انتحاريا للذات ولاماني الشعب، وسوف يقضون على احلام الشعب ولن يعودوا هم والشعب الى ما كنا عليه الا خلال سنين طوال اخرى . فان الاصرار على الميزانية والقوانين التي كان من المفروض ان تمرر في برلمان العراق دون اي حركة من هذا النوع دليل على تراكم الفشل على ما وقعوا انفسهم فيه تكرارا ويسبحون الان فيه .

اننا لازلنا وحتى الساعة نتامل ان يمضي من وعد على وعده وان فشل بعيدا عن ارادته افضل من تراجعه بهذه السهولة، على الاقل يبقى الامل غير مقضيا بفعل الياس ولم تحصل النكسة كما حصل في وسط السبعينات نتيجة الخضوع للامر الواقع واوامر الاعداء رغم ما كان بالامكان المقاومة والاستمرار في النضال للحظة الاخيرة، نتيجة عدم تدهور معنويات الشعب بشكل عام . اما اليوم فان فشل هؤلاء على ما يصرون عليه خلال هذه الايام القليلة بتراجع مخذول، فان الشعب سينهارمن ذاته وليس القيادة فقط كما حصل سابقا ولم نعتقد بان نعود الى ما كنا عليه الا في زمن طويل جدا . وان حصل ذلك ليس بيدنا الا ان نقول تبا لهذه العقول التي لا تفكر ولا تتعمق في الامور المصيرية الحساسة ويعلن عن خطوات غير مدروسة . فان الطريق الصحيح يكمن في الدوام في العملية مهما كانت الضغوطات الخارجية، والعامل الحاسم في امكانية النجاح ذاتيا هو عمل اقصى ما يمكن في التقارب الداخلي والمساومة للبعض من اجل اهم عامل لنجاح العملية وهو التآخي والتنسيق ولتعاون الداخلي المشترك من اجل المقاومية المطلوبة لكل طاريء يحدث .

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم