أقلام حرة

القاسم المشترك الوحيد بين تركيا وايران

emad aliهناك ملفات كثيرة وقضايا خلافية لا يمكن حصرها هنا بين الدولتين ايران وتركيا وفي مقدمتها ما تعتنقانه فكريا وعقيديا وتستندان عليه من اجل فرض سطوتهما بخلفية عثمانية او صفوية على المنطقة . انهما تتنافسان على الكثير من الامور التي تخص المنطقة والروابط مع الشرق والغرب، اي تريد كل منهما ان تبقى هي الافضل والاقوى والاهم في نظر المعتمدين على المنطقة في التواصل مع العالم سياسيا واقتصاديا . اي صراع النفوذ على المنطقة والشرق الاقصى والادنى بشكل خاص .

التغييرات الكبيرة التي شهدتها المنطقة بعد ما سميت بالربيع العربي جعلت المعادلات تسيير بشكل مغاير لما كانت واهتزت موقع تركيا اكثر، وبعد الاتفاق النويي الايراني الغربي ارتفعت مستوى ومنحنى موقع وثقل ايران اكثر مما توقعت تركيا وظلت هي في موقعها او انخفضت في مكانتها، لذلك نرى ان ايران قد بسطت نفوذها كثيرا على المنطقة من خلال سياساتها المعلومة بالمحور الشيعي ومناوراتها  مع الغرب ونجاحها في تحييد الكثير منهم وبالاخص امريكا خلال السنين القليلة الماضية .

الخلاف الاكبر بين هاتين الولتين هو ما يجري في سورريا التي اصبحت قضيتها مركزا لخلاف عميق وتصفية لكثير من الحسابات ليس بين ايران وتركيا فقط وانما بين دول العالم المهتمين بالمنطقة واليت لهم مصالح مصيرية فيها ايضا .

اليوم يبرز ما يمكن ان يجمع ايران وتركيا رغما عن كل تلك الخلافات وهي القضية الكوردية القديمة الجديدة بشكلها الجديد ومن خلال محاولة اقليم كرودستان اجراء استفتاء على اعلان الاستقلال الذي لا يتحمله هؤلاء لما يعتبرونها خطا احمرا لهم ولمستقبلهم . وعليه نجد في هذه المرحلة زيارات حميمية مكوكية لمسؤلي البلدين محاولين من خلال الموقف المشترك بحث الخلافات الاخرى ايضا مستغلتين الفرصة في توحيد جهودهما لعرقلة ما ينويه اقليم كوردستان . وزيارة باقري بعد اكثر من عشرين عاما الى تركيا خير دليل على مدى اهتمام ايران اكثر من تركيا في التغييرات التي يمكن ان يجلبها الاستفتاء في كوردستان وحسبما تعتقد ايران بان افرازاته ستمسها اكثر من غيرها، ولما له من ابعاد لا يمكن ان تنتظر ايران ما يبرز منه كي تتحرك متاخرا .

ترفض تركيا اي كيان كوردي يحكمه الاتحاد الديموقراطي  في كوردستان الغربية  ولم تحس ايران بما يمكن ان يحدث هناك بقدر ما تقلق منه تركيا ويمكن ان يؤثر عليها، الا ان ايران من جانبها تحس بان اي تغيير في موقع كوردستان الجنوبية ستكون له تاثيرات مضاعفة وهي قلقة من الحلف والروابط القوية بين السلطة في اقليم وتركيا على الرغم من ان تركيا لا يمكن ان تقبل الاستقلال في نهاية الامر وتعتبره ضربا لستراتيجيتها ولكنها لم تحرك بقوة ايران في هذا الجانب لدواعي سياسية تكتيكية فقط .

هذان الهدفان المتشابهان والمختلفان في الموقع والشكل وضعا الدولتين امام خيار بلورة شيء من موقف مسترك على الارضية ولو رخوة  للتقارب من اجل تمرير المرحلة على الاقل التي يجدون بان تتاثر ستراتيجيتهما فيها وهو الذي تعتبرانه نقطة مشتركة وقاسم مشترك ربما وحيد في سياساتهما الخارجية في المنطقة .

ان الخطوات العملية المنتظرة منهما هي تعاونهما في محاربة الحزب العمال الكوردستاني وبزاك ومنعهما من عبور الحدود المشتركة بينهما والحفاظ على امن الحدود لاهداف سياسية واقتصادية تهمهما بشكل ملحوظ . هذا اضافة الى الخطط التي يمكن بحثها للطرفين في سوريا وكيفية التعاون معا من اجل انجاحها مقابل تحرك تركيا لصالح ايران في كوردستان الجنوبية .

لا يمكن ان نعتقد بانهما قد انهيا الخلافات الكبيرة بشكل نهائي وانما هما وصلتا الى موقف مشترك بان يضعا ما بينهما جانبا بشكل مؤقت ولهذه المرحلة كي تقفا ضد ما اعتبروه تهديدا ستراتيجيا مشتركا وعاملا لتوترهما وقض مضجعهما وهو استفتاء كوردستان الجنوبية.

 من جانبه،  يمكن ان ينظر الكورد الى ما يحدث من زاوية المصالح الثنائية مع كل منهما على انفراد، غير ان السياسة والواقعية تفرض تحليل ودراسة ما يجري ويمكن ان يكون للكورد ايضا ورقة مفيدة وجادة  للعب بها مع كل منهما ولكنها ضعيفة مقارنة بالمصالح الدولية بين الطرفين المتنافسين . ويمكن ان نعيد ونكرر ان اهم عامل لنجاح عملية الاستفتاء وقوة وسد منيع امام اي خطر خارجي هو الوحدة الداخلة لكوردستان والتعاون والتضامن والاستناد على الموقف الواحد ازاء المواقف الخارجية. فان كانت الدولتان اللتان لهما مصالح كبيرة متناقضة وهما قوميتان مختلفتان ولهما لغتهما وتاريخهما وخلافاتهما الكبيرة جدا وتضعان كل مشاكلهما جانبا وان كان مؤقتا من اجل عرقلة ما يمكن ان يحدث في كوردستان الجنوبية، فلما لا يتمكن الكورد  بانفسهم  وعلى خلاف هاتين الدولتين، هم اصحاب كل المقومات المشتركة ومن قومية ووطن واحد، لماذا  لا يلتقون على نقطة مشتركة مساوية لما تفعلانه هاتان الدولتان على الاقل .

 

عماد علي

 

 

في المثقف اليوم