أقلام حرة

إيضاح حول: مدينة المسيب محطات وأحداث

jawad abdulkadomنشرت في الأشهر الأخيرة مجموعة كتابات عن مدينة المسيب في الصحافة المحلية، وللأسف الشديد وجدت الكثير من الأخطاء والأوهام فيها، ولعل آخر ما اطلعت عليه هو ما نشرته جريدة (الصباح) الغراء بعددها المرقم 4000 في 6/7/2017م على صفحة (تاريخ وتراث) بعنوان (مدينة المسيب .. محطات وأحداث) بقلم الإعلامية سها الشيخلي، وقد نقلت بضمنه حديثا للدكتور مجتبى الياسري أستاذ التاريخ في جامعة الحلة سابقا حسبما ورد في الجريدة؛ اشتمل على مجموعة من المعلومات غير الصحيحة التي يمكن أن توقع  القارئ بالوهم عند قراءته لها، مما يوجب الرد والتصحيح، ويمكن إيجاز ذلك في:

1. ورد في حديث الدكتور الياسري (أن تسمية القضاء تعود للمؤرخ ياقوت الحموي الذي ذكر في كتابه ...)، والصواب أن الحموي لم يذكر مدينة المسيب في معجمه لأنها لم تكن قد أنشئت بعد، وإنما ذكر (المَسِيب: (بالفتح ثم الكسر، وياء ساكنة، وباء موحدة) وهو مجرى الماء وهو اسم وادٍ)، ولا توجد علاقة لمدينة المُسيَّب على زن (مُفعّل) كـ(مُعظّم) بوادي يدعى (المَسِيب) على وزن (فَعِيل) يقع في الجزيرة ؟! وقد فصلت ذلك في كتابي (من تراث المسيب الشعبي – 2002م)، وبحثي الموسع في مجلة (أوراق فراتية – ع12/2012م) وغيرهما من الأماكن التي نشرت فيها .

2. وقال الدكتور الياسري (أما الشيخ علي القسّام فيقول إن سبب التسمية يرجع إلى نهر المسيب)، وهذا تقويل للشيخ القسّام لم يقله أبدا في كتابه (السفر المطيب في تاريخ مدينة المسيب) الذي تشرفت بتحقيقه وإعادة طبعه سنة 2012م، وإنما نسب الشيخ القسام التسمية إلى نهر السيب (السفر المطيب – ص15).

3. وقال (أما المؤرخ عباس النصراوي فيقول كان نهر السيب ...)، أقول لا يوجد مؤرخ بهذا الاسم، وإنما حدث خطأ طباعي في (الدليل الإداري للجمهورية العراقية ج2) الصادر عن وزارة الحكم المحلي سنة 1990م، إذ نقل محررو الدليل نصا من كتاب (العراق بين احتلالين ج5) للمؤرخ الشهير عباس العزاوي عن إعادة حفر نهر السيب، فجاء في الدليل غلطا (عباس النصراوي) بدلا من (عباس العزاوي) !! وصار الآخرون – ومنهم الدكتور الياسري – ينقلون الغلط من دون مراجعة أوتدقيق !!

4. وقال (وهناك رواية تاريخية عن تسمية المسيب باسم القائد المسيب بن نجبة الفزاري)، ونؤكد هنا عدم وجود شيء من هذا القبيل، وكل ما في الأمر أن أهالي مدينة المسيب المعروفين بحبهم لأهل البيت عليهم السلام نسجوا في مخيالهم الشعبي من دون دليل أو سند خبر تسمية مدينتهم إلى التابعي الجليل المسيب بن نجبة الفزاري من قادة التوابين والشهيد مع جميع أصحابه سنة 65هـ في معركة عين الوردة، وهي منطقة القريبة من مدينة البصيرة السورية في الجزيرة عند ملتقى نهر الخابور بعمود الفرات .

وأول من نقل اعتقاد أهالي المسيب الشعبي هذا هو الرحالة عمونوئيل فتح الله عمونائيل في سفرته إلى كربلاء والحلة المنشورة في مجلة (لغة العرب) سنة 1912م، وقد راق هذا الرأي للمؤرخ عبد الرزاق الحسني فاعتمده في مؤلفاته ذائعة الصيت من دون أن يقدم إثباتا تأريخيا عليه، فجوبه بردود كثيرة من قبل علماء ومؤرخين لهم مكانتهم العالية مثل الدكتور مصطفى جواد وفؤاد جميل وعبد الحميد الدجيلي والشيخ علي القسام وغيرهم .

5. وقال إن جسر المسيب (تم افتتاحه من قبل الملك غازي) وبلغت كلفة بنائه (مائة وعشرين ألف دينار)، والصواب أن الملك غازي لم يفتتحه بل رئيس الوزراء آنذاك جميل المدفعي كما نقل شهود العيان الذين حضروا حفل الافتتاح، وكان ذلك سنة 1938م، وأن كلفة بنائه بلغت خمسمائة ألف دينار كما دونت المصادر الحكومية المعنية وهي (المؤسسة العامة للطرق والجسور) في سجلاتها وإصداراتها .

6. وقال (وأشارت المصادر إلى أن السلاجقة والتتر اتخذوها مركزا عسكريا لبسط نفوذهم على المدن المهمة في وسط العراق)، ونجزم بعدم وجود مثل هذه المصادر !! إذ كيف تشير مصادر إلى مدينة وأهميتها قبل إنشائها وظهورها إلى الوجود في تلك الحقبة من الزمن !!

7. وأضاف الدكتور الياسري في حديثه (كما بنى العثمانيون سرايا على ضفاف الفرات لتكون متنفسا للطبقة البرجوازية العثمانية)!! وهو كلام غريب، فالدولة العثمانية لم تبن مثل هذه السرايا في المسيب في أقل تقدير، ولم يصل المدينة أحد من (الطبقة البرجوازية العثمانية) ليصح قول هذا الكلام !! وكل ما بنته الإدارة العثمانية في المدينة لا يتعدى السراي الحكومي ودائرة تلغراف ومدرسة رشدية والمستوصف الطبي وجسر خشبي على نهر الفرات وقنطرة معقودة على فرع صغير يدعى (المجرية) في المدخل الشمالي للمدينة ولا غير ..

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

في المثقف اليوم