أقلام حرة

طريق و طريق!!

sadiq alsamaraiالعرب يسلكون طريقا ما عاد هو الطريق، أو أنهم في نومة أهل الكهف، أو يحسبون أن الطريق الذي تسير عليه قوافل الدنيا هو "طريق الحرير" ولا غيره من طريق.

فالدنيا ذات طرق مطلقة ودروب مبتكرة وسبل معبّدة بما لا يُحصى من الأفكار والتصورات والإبداعات المعاصرة، المتظافرة المتسارعة المتسابقة المتجددة الفائقة الإندفاع نحو آفاق متوالدة، وصيرورات متدفقة من رحم الجد والإجتهاد والتفكير الحر المبدع الفعّال.

العرب يتمسكون بدرب " الصد ما رد"، ولا يتعلمون ويعتبرون، ويكرورن ذات الحكاية ويشربون من عين المرارة والوجيع، ولا يعتبرون ويفكرون بأسلوب حضاري متفق وإرادة المواكبة والتواصلات المتسارعة في كوكب دوار وكرار.

فلماذا يتمحّن العرب في أوحال طريق واحد؟

ولماذا لا يبصرون سواء السبيل؟

ولماذا هذا الدوران المفزع في دائرة النواكب القاسيات؟

لماذ يمعن العرب في الخطو المتعثر والسعي المدمر المِهلاك؟!!

هل أن العرب بلا بصيرة ولا يعقلون ويتفكرون؟

هل أنهم في غياهب الضلال والبهتان يعمهون؟

ولماذا بكل ما عندهم من قدرات وثروات يتخبطون؟!

أسئلة محيرة وأجوبة متغيرة، والواقع على حاله، كسفينة بلا ربان تتناهبها العواصف والأمواج والحيتان، والكل يترنح مخمورا بالخوف والرعب والتوسل بالشيطان.

وفي هذا المعترك التخبطي الأليم، لا تجد جوابا جامعا وقريبا من الصواب الشامل والمانع، إلا أن أمة العرب لديها إستعدادات وقابليات للخنوع والتبعية والإستعباد بل والإستعمار من قبل الأمم والقوى الأخرى، وهي تستلطف الظلم الواقع عليها وتستثمر فيه، فهي أمة تتظلم وتتوسل بالظالم وتعزز ظلمه وفتكه بها، لكي تذرف الدموع والدماء وتموت في حياتها وتحيا بموتها.

أي أنها أمة تعزز قيمة الموت وتنكر إرادة الحياة، وتجعلها رحلة شقاء وبؤس وحرمان وعذاب، وآلام ومُقاساة ومضطربات لكي تفوز بحياة الموت، وفي هذا تناقض مروع لما عهدته الأجيال البشرية على مرّ العصور.

فالحياة ذات قيمة ومعنى وفعالية إيجابية ومنطلقات صيروراتية رحمانية جاءت بها الشرائع بأنواعها ودرجاتها، وما حادت عنها شريعة أو عقيدة أو فكر ومنهج ظهر على وجه البسيطة منذ الأزل.

فلماذا تشذ أمة العرب عن هذا الصراط المبين؟

يبدو أن المتاجرين بالدين والعقائد والساعين للتجهيل والتضليل والتوريط، هم الذين يوظفون دجلهم ونفاقهم وأهواءهم لتمرير رغباتهم الدونية، فيغرّرون بالناس ويجهّلونهم ويستعبدونهم ويحوّلونهم إلى قطيع أو أرقام يمحقونها، أو يبيعونهم في مزادات المتاجرة بالدين والذي يكون البشر بضاعته الرخيصة المعروضة بأبخس الأثمان، وتبقى مواردها مدرارة، وما تمنحه للشياطين المعممة والأباليس الملتحية نعيم دنيوي ما بعده نعيم، فالحياة لهؤلاء الأدعياء والموت للمساكين المُضللين الأشقياء الذين يدافعون عما يجهلون ويموتون في سبيل حياة أسيادهم المعممين.

فهل أن الطريق تجارة دين؟!!

وأين هو الصراط المستقيم الذي يتردد على الألسن كل وقت وحين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم