أقلام حرة

سانت ليغو.. فقاعة إعلامية وضحك على الذقون (1)

saieb khalilلكثرة ما تحدث الساسة والكتاب عن سانت ليغو، واصنافه 1.9 و 1.7 وغيرها، وهذا يقول انه سينهي المحاصصة وذاك يحتج أنه سيؤمن للكتل الكبيرة السلطة التامة على البلد من جديد، وأعلنت الحرب عليه كجزء من "ضرورة التغيير" و "الحرب على الفساد"، وخرج الكثيرين للتظاهر ضده واتهموا "القوى المهيمنة" بالتآمر لاستمرار قبضتها على البرلمان، و"الكتل المستكبرة تصر على منهجها في التفرد والاستحواذ وإقصاء الآخر"، ورسمت الكاريكاتيرات عن ظلم سانت ليغو وإفهامهم أنه سبب كوارثهم ووسيلة الفاسدين للهيمنة والبقاء ومنع "الإصلاح" .... وهكذا حتى اضطر النواب إلى مراجعة قراراتهم بشأنه! ألا يعني هذا ان الناس قد فهمت سانت ليغو وصرت خبيرة به؟

الحقيقة المهمة هي أن سانت ليغو لا يضيف أو ينقص، في أي من صيغه المختلفة، أكثر من مقعد واحد لأي كيان في الدائرة الانتخابية، وهو على الأغلب لا يغير أي شيء.

ان سانت ليغو هو نظام وضعه أحد علماء الرياضيات وتم تطويره لحذف بعض الكتل الصغيرة جدا التي ليس لها سوى مقعد واحد في مجلس النواب، لتقليل التشتت وتمكين تشكيل الحكومة بسهولة أكبر، وهو إجراء مفيد قليلاً لأي بلد يعاني من صعوبة في تشكيل الحكومة، وليس موجها لتثبيت الفساد او أي شيء آخر، وله مزاياه ونواقصه كأي نظام آخر. والآن الى الحقائق الأساسية التي يجب ان نتذكرها والتي تم طمسها:

1- لا يوجد نظام لتوزيع المقاعد يحرم كتلة كبيرة من حصتها أو يزيدها بشكل مؤثر! لذلك فالتهريج حول سانت ليغو في معظمه ليس سوى جهل شديد، أو احتيال غرضه الإلهاء ولعب على عواطف الناس التي تتمنى التغيير ولا تعرف له طريقا.

2- الطريقة الوحيدة لإزالة كتلة فاسدة كبيرة، هي كشف فسادها بالأدلة لحرمانها الأصوات، ومتابعة فضحها ومحاكمتها، وكل شيء لا يصل الى هذه النتيجة ليس سوى تهريج مشبوه لإبعاد الانتباه عن الحقائق الأخرى التي تجري وراء الستار.

أمثلة تعطي انطباع خاطئ

في جميع الأمثلة التي رأيتها، عمد الكاتب إلى استعمال عدد قليل من الكتل وعدد قليل من المقاعد في امثلتهم لشرح الأمر. وهذا يعطي انطباعا خاطئا عن حجم التغيير المحتمل. لان تغيير مقعد واحد يعني الكثير عندما يكون العدد قليلا. كذلك عندما يكون عدد الكيانات في المثال قليلا، وباختيار ارقام مناسبة، فسوف يمكن عرض الامر وكأن سانت ليغو سوف يزيح نصف الكتل السفلى، ويمنح كل مقاعدها إلى الكتل الكبرى.

لقد وضع البعض طريقة لحساب المقاعد لثلاثة أنظمة مختلفة على النت، ويمكنك ان تستعملها وتضع بنفسك عدد المقاعد وعدد الكيانات الانتخابية وعدد الاصوات لكل كيان، لرؤية كيفية توزيع المقاعد حسب كل طريقة وستكتشف أنها تكاد تكون متطابقة!

https://staatsrecht.honikel.de/en/sitzzuteilungsrechner.htm

في بعض المقالات في العراق، تم تداول الجداول الثلاثة التالية لتوضيح تأثير الفرق في استعمال ثلاث صيغ سانت ليغو المختلفة (1، 1.6، 1.9) ولتبيان خطر النوع الأخير على الكتل الصغيرة ومساعدته على هيمنة الكتل الكبيرة.

الجدول الأعلى يمثل صيغة (1) والجدول الوسطي يمثل صيغة (1.6) والجدول الأخير ويمثل صيغة (1.9). ويحاول من وضع الجداول أن يبين كيف ان الصيغة الأخيرة تدفع إلى "هيمنة" الكتل الكبيرة. فكما نرى من عمود (عدد المقاعد) في يمين الجداول الثلاثة، أن المقاعد توزعت في الجدول الأعلى بين كتلتين كبيرتين (أ و ب) وثلاث كتل صغيرة (الكيانات ج، د، هـ، وحصلت كل منها على مقعد واحد).

 

صائب خليل 

 

 

في المثقف اليوم