أقلام حرة

الاحتجاج وصحوة الشعوب

rasheed alalimمن طبيعة الشعوب الشغوفة بالديمقراطية أنها تخرج إلى الشارع كلما شعرت بأن فئة قليلة تتلاعب وتتحكم بمصيرها وتلتوي حول مطالبها العادلة، فخروج الشعب إلى الشارع يعني مما يعنيه أنه شعب واعي، تدب فيه الحياة ويخفق في قلبه الأمل، أمل معانقة غد أفضل،  لأن الشعوب التي تعودت على العبودية والمذلة لا تخرج إلى الشارع كحال شريحة كبيرة من الشعوب العربية، في دول مثل السعودية وقطر والامارات والكويت...التي ما زالت تعاني شعوبها من بطش حكامها الظالمين، المستبدين، الغاشمين..

يحسب للشعب المغربي أنه لا يشبه الشعوب الأخرى وأن له خصوصياته ومرجعيته وثقافته الخاصة التي يتعامل بها مع السلطة خاصة في هذا السياق الراهب، فإذا كانت الدولة بأجهزتها القمعية والترهيبية كانت في الثمانينيات من القارن المنصرم أقوى من الشعب، فإن الشعب الآن أبان عن قوته وإصاره وتحديه لمختلف تلاوين الأجهزة القمعية، بأسلوب احتجاجي سلمي لا غبار عليه.

الحراك الشعبي الذي شهده المغرب مؤخرا، يأكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن هيمنة الدولة التقليدية على وعي المواطن المغربي بدأت تتلاشى يوما بعد يوم، لأن الشعب بدأ بكل وعي وتحضر وعقلانية وموضوعية، يخرج إلى الشارع بلا ولا وجل، يساؤل الملك، أعلى سلطة في البلاد، وينتقده ويستخف بخطاباته التي لم تغير شيئا على أرض الواقع، بعدما كانت مضامين الحراك الشعبي سواء إبان ثورات الربيع العربي وغيره من المحطات التي شهدتها المملكة، مقتصرة فقط على رفع شعارات ضد الأحزاب السياسية والمنتخبين وأجهزة التحكم والمسؤولين ورؤساء الجماعات المحلية...

الشعب صار يتفاعل مع خطاب الملك على نحو آخر، بل وذهب إلى درجة أنه صَار يشكك في إرادة الملك السياسية وقدرته على حل الأزمات والاستجابة للمطالب الشعبية والحقوق العادلة.

فحينما نستحضر شخصية الزفزافي، التي حركت الجماهير الشعبية في كافة ربوع المملكة بعد أن ذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن المغرب لن يشهد ربيعا عربيا كحال الدول العربية الأخرى..نجد أن خطاب الزفزافي كسر ذلك الجدار النفسي والسيكولوجي بين الشعب والملك، وصرنا نسمع بخطابات تتعالى من هنا هناك تنتقد الملك و ترفع مطالبها إلى الملك لا إلى جهة معينة أو إلى مسؤول سياسي، وبالتالي يمكن أن نقول بأن الحراك الذي قاده أبناء الريف، يعد لبنة أساسية يجب استغلالها بحنكة وذكاء ودهاء وموضوعية من أجل المضي قدما في المطالبة بالحقوق المشروعة وتحقيق المطالب العادلة.

مستقبل الحراك الريفي كنمودج لما بعد مرحلة الثورات العربية، ما يزال يشوبه الغموض لأسباب عدة على رأسها اعتقال كافة نشطاء الحراك، وعلى رأسهم أيقونة الحراك ( ناصر الزفزافي) لكن هذا لا يعني أن الحراك سيموت لأن إيمان الزفزافي بسمو وقداسة القضية التي دافع عنها جعله يقنع جماهيره بأن شخص الزفزافي بشر كحال سائر البشر، وأن موته أو اعتقاله يجب أن لا يكون حاجزا أمام الدفاع عن كرامة الشعب والمطالبة بحريته وعدالته الاجتماعية.

 

رشيد العالم

 

 

في المثقف اليوم