أقلام حرة

الإسلام يُعاصر ولا يُحاصر!!

sadiq alsamaraiالإسلام طاقة تغيير مطلقة جامعة كونية الملامح والتطلعات، وهي إنسانية ذات تفاعل حيوي مع إرادة الحياة، ولا يمكنها أن تكون مغلقة وإنما تتماهى مع طبيعة الكون السرمدية الإتساع.

الإسلام صورة متواصلة مع الهيئة الكونية التي أوجدها أحدٌ عظيم خلاق، بديع السماوات والأرض وسيد العرش المنير.

هذا الإسلام الكوني الطباع والمنطلقات يتفاعل مع المكان والزمان، فيحرك مفرداتهما وعناصرهما لتخليق صيروات ذات قدرات إبداعية، وإندفاعية نحو مستقبل وكينونات متوالدة من رحم زمانها ومكانها، وبهذا يترجم نواميس الكون وقوانين الحياة، ويؤكد إراد الدوران والتغيير والتبدل والتطور الحتمي الكفيل بالديمومة والنماء والرقاء.

الإسلام لا يمكنه أن يكون نفقا أو خندقا أو صومعة أو صندوقا لا يدخله نور الوجود الدافق، ولا يمكنه أن يكون بركة أو مستنقعا، وإنما هو نهر دفاق بأمواجه المتصاخبة المتجددة المتنوعة المتواشجة المتمازجة المحققة لإرادة الجريان، والإتيان بما يوافق مواضع الخطوات والقادرة على شق طريقها في بدن الحياة.

ولهذا فأن القول بالجمود والتغضن والتخشب لا يمت بصلة للإسلام، لأنه يناهض جوهر مبادئة ومنطلقاته ومناهجه وعقيدته المطلقة الرحيمة السمحاء، المستوعبة لكينونات الواقع الأرضي والمناهضة لأعداء البقاء والرقاء الفكري والنفسي والإدراكي الذي يتطلبه الوعي المتنور للإسلام.

والذين يتعبدون في محاريب الغابرات بعيدا عن الواقع الذي يعيشون فيه، يعادون الإسلام ويجهزون عليه ويريدون قتله وهم لا يشعرون أو في غفلتهم يعمهون.

فالإسلام دين منفتح وعقيدة متسعة وينطلق من مرتكزات إنسانية حياتية أساسية وبسيطة تساهم في تنظيم السلوك البشري، والإرتقاء به إلى آفاق الإنسانية القدرة على ملازمة الخير ومناهضة الشر، لكي تتحقق معايير وقيم الحياة بأسمى ما يمكنها أن تتجسد فوق التراب.

وعليه فأن أي إتجاه يناهض جوهر الإسلام يتسبب بصراعات وتنازعات دامية وينتهي إلى بئس المصير، ويبقى الجوهر المشعشع ساطعا ومتجددا في ربوع الدنيا وأرجاء السماء، وهذا يفسر إندحار العديد من الحركات والتوجهات التي تدّعي الإسلام، وهي تتمرغ بظلاميتها وعاهاتها السلوكية المكللة برغبات أمّارات السوء المنفلتة فيها والمؤكدة لشرورها وبهتانها الشقيم.

ومن هنا فأن المعادلة واضحة ولا تقبل التحريف، ومفادها أن الإسلام دين قويم وأي عوج ينسب إليه رجيم، وهؤلاء الذين يتوهمون ويتقولون على الدين ويصفونه بأعمالهم وأقوالهم بما ليس فيه، سيندحرون ويغيبون في مزابل التأريخ، وما أكثرها وأعفنها، ولكنهم لا يتعظون.

فالجوهر خالد والقشر بائد، وإن الإسلام لدين رائد!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم