أقلام حرة

من يتحمل مسؤوليته

منذ سقوط النظام الكتاتوري البائد ,ونحن نعرف بأن هناك اطراف لا تؤمن بالديمقراطية

وهي ليست بمعلومة جديدة, لاننا عشنا وضعا تسلطيا مقيتا ...

  نعرف هذه الحقيقة وتلك الاطراف كاشفة عن رؤوسها ومعلومة لدينا.

  القول إن الحكومة او النظام السياسي يعبث بالديموقراطية , بشكل او بآخر لانها وليدة العهد , وغير مفهومة لدينا جميعا , ويحتاج فردنا بتصنيفاته .. السياسية .. والقيادية والبسيطة .. وقتا طويلا لكي يدركها جيدا بشكلها الصحيح ويتأقلم معها بعيدا عن المفهوم المغلوط .

 الحقيقة علينا أن نتعامل مع النظام الحالي وخصوصا مع من يتصدر قيادة البلد من قوى سياسية مشاركة اومهمشة للدفاع عن نفسها ولكن بطريقة مشروعة... وكما نعرف من أين تشرق الشمس ... نعرف كذلك بأن المتصدون لديهم روءاهم المختلفة مثلهم مثل باقي القوى الأخرى ولكن عندما يقع القيادي في هفوة ما ، يجب ان لا تسن الاسنان ويُحَمّل كل المسؤولية لما يحدث من تخريب متعمد للديمقراطية وللحال الجديد الذي اقحمنا فيه.

 

صديق التقيته خارج الوطن خلال سفرتي الاخيرة  قال لي : ألا تعتقد بان  لديكم تحول الى اكبر عائق للديموقراطية نتيجة جهل البعض ...ألا ترون بأن دول المنطقة مرت من حولكم بتحولات سريعة وأنتم ( مكانك راوح )  رغم دخولكم العام السابع وقد توفر لكم كل شيء واليوم انتم الخاسرون لكل شيء .

 وجدت أن من الصعب أن أدخل في جدل معه وانا مدرك صحة تحليله لحالنا ولكني قلت له مدافعا : انت تعرف أن الديمقراطية ليست شعاراً، فالعراق يختلف عن الدول الاخرى لانه بلدا عاش شعبه محروما من ابسط الحقوق الديمقراطية الحقيقية وإن كانت الآن قاصرة في بعض أوجهها إلا أنها قدمت الكثير على أيدي الشرفاء المؤمنون بها وليس من السهل علينا أن نغفل هذا الموضوع ونقول إن السياسيين سبب الخراب ونحملهم كل ما يحدث من تخريب.

الديموقراطية كان من الممكن أن تتطور بصورة افضل لو كان لدينا قوى سياسية واعية لدورها وانا أقصد بالتحديد بعض القوى التي تطلق على نفسها وطنية فهي اليوم تشترك وتتحمل التسيب والتخريب والفساد الذي تعيشه الديموقراطية .

 لو تمعنا فيما يحدث على الساحة السياسية وتابعنا التصريحات لهذه القوى وتقاطعاتها لادركنا الحقيقة ... فالكل يهرب من مظلته الوطنية لأنه اكتشف أن الناس انتبهت وأدركت عمق الأزمة التي تتحملها القوى الوطنية التي انقلبت على تراثها، فهم يحملون الجميع مسؤولية التخريب وينأون بأنفسهم عما حدث.

أقول لصديقي دعني ألخص لك ما يحدث في العراق، فالأمر ينحصر في صراع خفي على من يحظى بالمناصب والمناقصات وما نشهده هو حرب فساد ومصلحيات لا اكثر، واقرب دليل على صحة كلامي هي حالات الفساد والانتهاكات التي ارتكبت من قبل اناس شاركوا بالعملية السياسية وبقوة ومنهم اعضاءا بمجلس النواب ومسؤولين بدرجة وزير وآخرهم وزير التجارة عبد الفلاح السوداني واغلب مدراء وزارته الفاسدين.َ!! فالفساد هنا ياصديقي يعني الاجرام بمحتوى الكلمة وشموليتها

حيث المال أصبح المحرك الأول، وهذه القوى الحيتانية انخرطت في لعبة الفساد عليه يجب مواجهتها ورصد سلوكياتها قبل مواجهة الآخرين من البسطاء .

 

أما الأمر الثاني فهو الانقسام الداخلي وهذا ماحدث ويحدث بين الفينة والأخرى، كحالة المد والجزر ولا استثني طرفا... بل حتى الاطراف الدينية لم تسلم من ذلك فتجدها انقسمت على نفسها فنجد هذا الطرف او التكتل يرمي ذاك الطرف بالتقصير واللوم ناهيك عن حياكة المؤمرات والدسائس التي تجري خلف الكواليس للاطاحة بالمقابل وتحجيم عمله  ومن ثم تسقيطه .. وتلك اصبحت حالة مكشوفة للجميع وهؤلاء بعيدون عن مصالح البلد وهمهم تكريس  مصالحهم...!!

وحتى الحركات الوطنية انقسمت على نفسها بسبب هذه التوجهات الهدامة، غياب المواجهة والشفافية لما يحدث من أسباب خفية تدفع في اتجاه الانقسام وهو ما يقلقنا حيث دائماً كنا نؤكد أهمية الدفع بروح المواطنة التي تتدفق بالدم بين مختلف الشرائح ولا نريد أن نشكك في احد... باعتبارها قوى مخربة حيث هي قوة اجتماعية تبحث عن وجودها مثلها مثل أي قوة اخرى.

 الديمقراطية (العراقية) غذت هذه الانقسامات لأن القوى الواعية ارادت أن تستفرد بكل شيء وتزيل من امامها الخصم متوهمة وغير عارفة ان الانفراد قد ولى نحبه  واليوم الأمر اختلف، فالشعب باطيافه المتعددة جزء من الواقع الاجتماعي وعلى الاخرون  أن يتعاملوا  بأسلوب الاخوة والاحتضان وان لا يزايد البعض على البعض الآخر.

ان المرحلة الحرجة التي يمر بها العراق تتطلب جرأة في الطرح لمواجهة الانكسار الذي أصاب الديمقراطية وهو انكسار تتحمله قوى الفساد التي لم تسلم منها القوى الوطنية المخلصة مممن تحاول ان تلم الشمل وتوجه العراق بالاتجاه الصحيح الذي يستحقه على الصعيد الداخلي والدولي والاقليمي والعالمي  بعد الخراب الكبير الذي طال كل شيء...

      فهل يعي ويتعض من هو في غيه سائر نحو الخراب...!!؟؟

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1069  الجمعة 05/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم