أقلام حرة

الجزائر مقبلة على سنوات عجاف

eljya ayshهذا ما فهمناه من خطاب الوزير الأول أحمد أويحي، أمام مجلس الوزراء خلال جلسات مناقشة مخطط عمل الحكومة، وقال أن مخطط عمل الحكومة خيارات إستراتيجية لمواجهة السنوات العجاف، ولعلها رؤيا رآها أويحي في المنام بأن الشعب الجزائري مقبل على سنوات عجاف، ولابد عليه أن يَشُدَّ الحزام، وأن يَدَّخِرَ "العُولة" لوقاية نفسه وأبنائه من الجوع، في شرحه للمعطيات المالية، ولم يفسر أويحي بقية الرؤيا، التي هي شبيهة برؤيا ملك مصر والتي أوّلها سيدنا يوسف عليه السلام، وفسر سيدنا يوسف الحلم بأن مصر ستمر بسنوات مجاعة تمتد سبع سنوات متتالية، والكل يعرف بقية القصة طبعا، الملاحظ أن هناك وجه تشابه كبير في زمانهم آنذاك وزماننا هذا في ظل قلة الموارد من حيث تساقط الأمطار وقلة المياه، لاسيما وأن 16 ولاية جزائرية، تعاني اليوم من الجفاف ونقص المياه، وأن ولايات عديدة لم تحصل الموسم الفارط على"الصّابة" بسبب الجفاف، وبخاصة مناطق الغرب، وهذا باعتراف المسؤولين على قطاع الفلاحة.

 السؤال الذي يتبادر إلى الذهن ماهي الحلول التي يمكن أن تضعها الدولة لمواجهة السنوات العجاف، التي تحدث عنها الوزير الأول، ونحن نرى كيف تبذر الأموال هنا وهناك في مناسبات لا معنى لها ولا تخدم مصلحة الشعب، والملايير التي تخصصها الدولة في المساعدات الإنسانية للدول التي تعيش الحروب، في وقت يعيش المواطن الجزائري في التقشف على مدار السنة، والمسؤولين والنواب في بحبوحة مالية، حيث وجدت الدولة نفسها عاجزة عن تحقيق الاكتفاء الذاتي للشعب الذي أضحى يأكل من القمامة، لدرجة أنها تستورد القمح وغبرة الحليب من الخارج ومن البلد الذي استعمر شعبها واغتصب أرضها وعاث فيها فسادا ، مما أتاح لفرنسا أن تفرض سيطرتها، وإعطاء لنفسها حق إصدار قرارات سياسية تخص بلادنا.

  والحقيقة أن الأزمة الاقتصادية في الجزائر ليس بالجديدة، وجذورها ممتدة إلى أيام حكم الدايات ، ولعل البعض ما زال يتذكر كيف ومتى ظهرت المجاعة في الجزائر، أثناء حركة ابن الأحرش، وأزمة الخبز التي أدت في 1988 إلى ثورة دموية، وكما يقول الخبراء الاقتصاديون فالدولة التي تعيش على مادة تنتجها ولا تتحكم في سعرها (البترول) هي دولة مهددة بالمجاعة، إذا قلنا أن الجزائر ما تزال بعيدة عن مجال التصنيع، فلا نقول عن تركيب السيارات مثلا صناعة، لأن صناعة سيارة تدخل في باب الاختراع والابتكار، والجزائر ما تزال تفتقر إلى "كوادر" ليس في مجال التصنيع فقط بل في مجالات أخرى مثل بناء المتاحف، وصيانة الجسور، ومشاريع أخرى.

 وعلى ما يبدوا أن الخروج من الأزمة مرهون بإعطاء قطاع الفلاحة وقطاع الصناعة حقهما، وإعادة النظر في العقار الفلاحي والعقار الصناعي الذي نُهِبَ ، وتفعيل دور "مجلس المحاسبة" من أجل القضاء على الفساد، ومحاسبة الناهبين لأموال الشعب، ثم أخيرا التفكير في ما بعد المحروقات، بعد انخفاض سعر البترول وانعكاساته على الاقتصاد الوطني، أي البحث عن مصادر الطاقة الكافية بقطاعي الصناعة والزراعة في البلاد وبناء جزائر مصنعة ومنتجة وقوية، ما يمكن قوله أن النقطة التي تلفت انتباه المختصين في المالية هي أن الجزائر اقتنعت بضرورة محاربة الرّبا، من خلال العودة إلى المصارف الإسلامية في قانون المالية لسنة 2018 .

 

علجية عيش

 .

في المثقف اليوم