أقلام حرة

سراب الدولة الكردية

اليوم وبعد ان تم الاستفتاء البارزاني الطالباني، يجب ان يسمع كل ذي شأن بتلك التظاهرة التخريبية ابتداء من أحزاب "الوحدة الوطنية"، الى المجلس العربي لدعم القضية الكردية، الى سماسرة داعش العروبيين الا امام الاكراد والعنصريين الا امام الاكراد والطائفيين بالذوبان مع الاكراد. ان الاستفتاء حصل اليوم ويمكن ان يحصل غداً، كما حصل اول مرة مع اول انتخابات برلمانية، والسبب هو سيلان النظام العراقي في سلطاته الثلاث اجمع. والمتسبب الأول به هو عقلية الأحزاب الفاعلة فيه والقائم منهجه على خطاب المقاهي في إدارة بلد شديد التعقيد في تركيبته الاجتماعية وفاقم من معضلته طول المحن التي عاناها اهله على يد أنظمة الدواعش الأوائل وآخرهم صدام.

ان نجاح حكومة أي بلد لا يحيد عن اتباع نظام صارم للغاية في تطبيق القوانين والأنظمة الكفيلة بدرء الأخطاء والاخطار التي دائماً ما يكون مصدرها الانسان. فالناظر في التجربة العراقية يجد ان كل مشاكله وخرابه برمته انطلق من أحزاب السلطة التي تقاتلت ثم تشاركت على تجويف كل الأنظمة والقوانين الشكلية التي هم من وضعها ثم عادوا ليفرغوها من معانيها ومراميها.

وعودة على عنوان المقال أقول ان الدولة الكردية سراب بحت واقصد بالدولة الكردية كما يدعيها المدعون والدليل الباهر على ذلك هو اكتفاء مسعود وجلال واتباعهما مهما بلغ عددهم بثلاث مدن بأمل خطف كركوك وبعض القصبات في الموصل وصلاح الدين وديالى. فحال الاكراد لا يختلف قيد انملة عن حال العرب ودولهم المفسخة الى ممالك وامارات واقطاعيات منها بالغ الغنى وأخرى جائعة تعتاش على الاعطيات مقابل خدمات ضد "الاشقاء". بل ان التفسخ ما بين الاكراد أسوأ بمراحل وهم لم يملكوا دولة واحدة بعد. هذه الحقيقة يدركها الاكراد حق الادراك حيث يعلمون ان لا سبيل يجمعهم مع حزب العمال الكردستاني التركي ونسخته السورية، كذا الحال مع الحزب الديمقراطي في ايران. فلو قُيض لكل الأطراف الكردية ان تجتمع من اجل الدولة الكردية السراب لما لبثوا ان تفرقوا ايادي سبأ وتقاتلوا لأنهم يعلمون علم اليقين انهم ينتمون الى اعراق شتى تقربهم سكنى الجبال ووسائل العيش فيها لا غير.

لذلك لم يجرؤ أي من الحزبين الكرديين العراقيين البوح مجرد البوح بحق استقلال الاكراد في تركيا او ايران او التمدد الى سوريا حيث تشهد ذات الارباك الأمني وتتعرض لنفس الهجوم الداعشي الدولي. نعم، امارة بارزانية في دهوك واربيل وأخرى طالبانية في السليمانية وشيء من كركوك ونفطها سيلبي حلمهم بالدولة بتلك الحدود. لكن مع كل الضعف في بغداد والذي انتهزه بارزاني وطالباني هل هناك أمل لقيام تلك الدولة؟

أنا لا أشك وحسب، بل اكاد اوقن انها لن تحصل لأنها لو حصلت سترتد كارثة على العراق اولاً دون غيره ومثلهم اكراده على حدّ سواء

 

هيثم الغريباوي

 

 

في المثقف اليوم