أقلام حرة

يجب التعامل مع مرحلة مابعد لحظة الحقيقة في كوردستان

emad aliلقد توجه الكورد الى صناديق الاقتراع وصوتو باغلبية مطلقة للاستقلال واوضحوا حقيقة كامنة في نفس كل كوردستاني وجوهر ما يتمنى ويطمح واوصل ما خفي منذ اكثر من قرن للعالم، وعلى العالم وليس العراق فقط ان يتقبله على ما هو عليه وكما هو وما يتسم ويؤمن ويطمح  به وله الحق فيه .

ان الكورد اوصلوا بصرختهم التي ترجموها على ورقة الاقتراع ما تحملوه خلال قرن وهم يعانون دون ان تكون هناك اذان صاغية لاهاتهم، وهم وضعوا بعملهم هذا مقياس لايمان الاخر بحقوق الاخرين امام العالم وثقافة وعصرية من له العلاقة بما يحصل على المحك . ان السياسة التي تتبعها دول ذات الصلة مع ما يحدث لها مؤثراتها وعواملها وتتدخل المصالح الخاصة لكل دولة على حساب العراق فيما يخرج من  سياساتهم، وعليه يجب ان تفكر السلطة العراقية اكثر من الاخرين وبشكل اعمق وادق منهم بالف مرة . ان المتوفر لدى الجميع وهو السهل والمضر طبعا وان اتبع يمكن ان يحدث  بكل بساطة هو التوجه اللاعقلاني الذي لا يكلف شيئا على الآمر وانه يمكن ان يسير اليه كل سياسي او سلطة لديها قوة ودولة لذلك, وهذا سهل جدا ولا يمكن ان تقاس به قوة عقلانية السياسي وامكاناته للحلول الصعبة للمسائل الاصعب في عصر يتسم بالانسانية اكثر من المراحل الغابرة طبعا وللحؤول دون اراقة الدماء .

و هنا يجب على راس السلطة التنفيذية التي تقع عليه المسؤلية التاريخية الحاسمة التي يكتبها التاريخ ان نجح في خطواته دون اي مكروه ان يكتبه له التاريخ  ولا يمكن تقديره بثمن . اذن الفكر والتوجه الصحيح والخطوة المثالية تتطلب امورا كثيرة من راس السلطة التنفيذية، فعليه ان يتجرد من كل خلفياته الشخصية الحزبية وممارساته السياسية القحة ويفكر بما يمليه عليه ذاته وضميره بعد الامعان في ما حصل خلال القرن المنصرم وما هو عليه الشعوب في العراق والمنطقة وما لهم وما عليهم وماهي طموحاتهم التي يجب ان توضع في الاعتبار اكثر من كل صراع ومصلحة, كي ينجح في سلوكه وخطواته ويخرج من القضية كالشعرة من العجين . وعليه ان يفكر اولا بان القضية الكوردية ليست بمسالة سياسية مجردة بقدر ما هي مسالة انسانية حقة وما يقع على العراق وسلطته هو التفكير والتعامل مع مجريات الامور بعيدا عن ما يهم الجوار اكثر من التعامل معهم، اي  ليس كل ما تدعيه كل من ايران وتركيا وان كان يدخل في صلب الشعبوية العراقية هو لصالح العراق .

و لا يمكن ان تكون المصلحة الشخصية ومستوجبات الصراع اغلى من دم اي انسان مهما كانت قوميته ودينه ومذهبه . وعليه يجب التعمق بشكل لا مثيل له وبتفكير مستقل لابداء اية خطوة في هذا الاتجاه .  وعندئذ يمكن ان يكون لراس سلطة اليوم في العراق شرف التحدي وتجنب السيء وتجاوز المنافس بعقلانية . ليس كل ما يدعيه العدو يمكن ان يكون ضدك ولا كل ما يقوله الصديق ان يكون معك، فاعلم ان لكل منهما مصلحته وما يهمه اكثر منك ومن مصالحك .

كوردستان انتقل بعد لحظة الحقيقة وهيلحة عملية الاستفتاء التاريخية الى مرحلة اخرى مغايرة تماما لما قبلها ولا يمكن شرعا وقانونا ان يُطالب باعادة عقارب الساعة وليس لاحد السلطة والقدرة والامكانية لذلك، ويجب ان يُشار الى السلطة العراقية بالبنان لما تعاملت مع لحظة الحقيقة وعلى الرغم من انها ارغمت على المواقف المتشدة نتيجة صراع وجشع منافسه الذي ابلى البلد بخسائر اكثر من الدكتاتورية ولازال يطمح ولم يعترف وهو يثبت ما يتسم به ليس باقل من الدكتاتور . ان المنطقة والعراق قبل الجميع على بركان من النار، وهذه حقيقة ساطعة يمكن ان يستدلها اي متابع بسهولة وان كان اسقاط الدكتاتورية انقذه من الربيع العربي الذي كان له ثمنا اغلى وخسائر اكبر من الدول الاخرى لو حدث قبل السقوط الدكتاتورية في العراق، وكان بالامكان الوصول الى العراق، وربما كان الخراب اكثر من سوريا وليبيا . وهذا من حسن حظ العراقيين كافة .

 اما اليوم فنحن امام منعطف خطير ولابد من ان يكون العقل والتفكير السليم هو من يقود هذه اللحة الحاسمة كي يخرج الجميع منها باقل الخسائر الممكنة، وهذا يمكن ان يتوقف على خطوة المتنفذ في لحظة من الزمن .

وعليه، فان التعنت في الوقوف ضد عمل حقاني لا ينتج الا الخراب، فان الحرب والحصار الاقتصادي على كوردستان لا ينتجان شيئا يرغم  الشعب الكوردستاني على العودة الى ما قبل لحظة الحقيقة، فان الحصار سيفشل بفعل الاعتماد على الامكانية الذاتية التي هي اكبر من زمن الحصار البعثي في التسعينات،  وسوف يفيدون به كوردستان اكثر مما يمكن ان تتضرر لانها سوف تقترب من الاكتفاء الذاتي وهذا خير لها على المدى البعيد، والحرب لا يمكن ان تقع نتيجة المعادلات الموجودة في المنطقة من مصالح الكبار ومدى تضرر العراق بذاته منها وهو لم يخرج بعد من حرب داعش، وان حدث لن يكون هناك المنتصر وسيعقد الامور اكثر، وعنئذ لا يمكن ان يرى هؤلاء اذن صاغية للحوار في كوردستان وتقترب كوردستان من اعلان دولتها مرغما بعد ان يتضرر الجميع من هذه المواقف ان حدث شيء غير مرغوب فيه .

عماد علي

 

 

 

في المثقف اليوم