أقلام حرة

هذا الشَّعْبُ الذي أرْهَقَتْهُ "العُشْرِيَّةُ السَّوْدَاء".. إلى أين نحن ماضون؟

eljya ayshتتهاوى ثقة الناخبين كلّما حلّت مناسبة تتعلق بالانتخابات سواء كانت رئاسية، تشريعية أو سينا، أو انتخابات محلية (الولاية والبلديات)، وكلما تجددت الصراعات حول من يترشح أو يتصدر القوائم الانتخابات، إلا وازداد المواطن بُعْدًا عن هذا الإجراء الانتخابي وازداد عزوفا عن التصويت، لأن اللعبة السياسية في هذه المرحلة بالذات تزداد وَسَخًا على وَسَخٍ، لأن الأمور خرجت عن السيطرة من قبل قادة الأحزاب السياسية،  ولا نتحدث عن الأحزاب التي تغيب عن الساحة ثم تعود مع اقتراب الموعد الانتخابي، بل الأحزاب التي تسجل حضورها القوي في الساحة السياسية، لكنها لم تحافظ على مصداقيتها، وكانت سببا في عزوف المواطن عن الذهاب إلى الصندوق يوم الاقتراع، أو التصويت ورقة بيضاء، ولو أننا نعلم ماذا يحدث تحت الطاولة وفي الظلمة، وقد أطلق بعض المتتبعين هذا الوضع اسم "التعهير السياسي"، فما نشاهده اليوم من إسقاط أو تغيير في أسماء متصدري القوائم الانتخابية، والتلاسن بالكلمات البذيئة من طرف أشخاص لا يرقون إلى مستوى، ولكنهم يمثلون للأسف أحزابا لها ماضٍ عريق،  واستعمال الرشوة من أجل الترشح، أفقدت هذه الأحزاب مصداقيتها وضربت بمفهوم النضال وأخلقته عرض الحائط..

لم يعد الحديث عن الثقة بين الناخب والمنتخب، وبين الحاكم والمواطن يُجدي، في ظل ما يحدث، بدليل اللامبالاة وحالات التذمر التي بلغت حنجرة المواطن البسيط، الذي لا همه سوى توفير لقمة العيش لأولاده والأدوات المدرسية والعلاج ولباس الشتاء، وتسديد فاتورة الكهرباء والغاز، وهي طبعا سياسة مقصودة وضعها النظام الجائر  والحكام الجائرون، وحتى لا ينشغل هذا المواطن بما يحدث فوق، حتى يتسنى لهم تهريب ثروات البلاد نحو الخارج وتكديس أموال الشعب في حساباتهم في البنوك الأجنبية، والويل لمن يتحدث عن "مجلس المحاسبة"، لأنه سيلقى نفس المصير الذي لقيه صاحب المشروع، والذي رفضت الداخلية اعتماد حزبه السياسي، وليس الحديث هنا عن الدكتور أحمد طالب الإبراهيمي أو غيره ممن حاصرتهم "عصا" النظام، ويحاول قطع ألسنتهم، وإنما الحديث عن الطغاة الذين عاثوا في الأرض فسادًا، وهلكوا الحرث والنسل، ويتغنون بالمصالحة الوطنية، نقول لهؤلاء (تجار التاريخ) أن هذا المشروع لم يكتمل بعد، طالما هناك ثكالى ما تزال تبكي وتبحث عن الحقيقة، وطالما هناك مواطنون يأكلون من القمامات والمزابل، وطالما هناك الآلاف من العامة ما تزال حقوقهم مهضومة في بلد العزة والكرامة التي سقط من أجلها ملايين من الرجال المخلصين، و آخرون كانوا ضحية مساومات ومصالح خاصة من قبل الذين تولوا باسمهم، فخانوا الأمانة، وهانوا قدسية الرسالة التي تركها الشهداء، وداسوا على كل القيم الروحية التي جاء بها بيان أول نوفمبر 1954، والدليل أن الجزائر اليوم على شفير الإفلاس، أمام انهيار العملة الوطنية التي تُعَبِّرُ عن "هُوِيَّةُ" الشعب الجزائري، والسؤال الذي ينبغي أن نطرحه هو: من يتحمل تبعات النظام المرهق؟، وإلى أين نحن ماضون؟، ومن يرد الاعتبار للشعب الذي أرهقته العشرية السوداء، الذي أصبح يطالب بالأمن على حساب كرامته، حيث وجد نفسه يواجه سياسية الترهيب والترغيب، بمعنى أنه أمام خيارين إمّا الصّمت والسّكوت عن الذل  والرّضا بـ: " الرُّخُس"  أو العودة  إلى أيام العنف..

 

علجية عيش

 

في المثقف اليوم