أقلام حرة

المظاهر والشكليات وارتباطها مع السياسة التخطيطية للحكومة العراقية مقارنةً بدول الغرب

akeel alabodالتاكيد على الشكليات، والمظاهر، ظاهرة، وسلوك تميزت به الغالبية من العامة في نظرتها، وتقييمها الى الأشياء، وهذا البحث يخص الرجال، والنساء في مجتمعاتنا للأسف.

وهنالك أمثلة شتى في هذا الباب، فالبعض يعتقد مثلا، ان الملابس الأنيقة، والرباط وما يتعلق بهما، كطريقة الكلام، اوالجلوس، توصل من يتبعها الى الاحترام اوالتوقير، ويعتقد هذا البعض ايضا، ان ما يمتلكه فلان من المال، والعقارات يمنحه جاها ووجاهة بين الناس، حتى لو كان ماله مجهولا، اي يجهل بضم الياء مصدره، اومحل هويته. 

 وهذا ما دفع الحكومة بما فيها الكتل المحسوبة على الدين، اقصد الكتل التي تحمل مسميات دينية، لممارسة سلطتها السياسية تحت مظلة الدين، لأن تخطو باتجاه الاستفادة

من هذا النوع من التصور، لتمشية مصالحها النفعية على حساب العامة. 

 لذلك تراها تسعى باستمرار الى تشجيع هذا النمط من التفكير، من خلال إيهام الاخرين بالبناء والعمران، بعد تخصيص مبالغ ضخمة من ميزانية العراق، سعيا لخدمة المآرب الخاصة بأرباح الطبقة المستثمرة من تجار السلطة، ما تمخض عنه انشاء البنايات الضخمة كالأسواق، والمولات، والفنادق، والمطاعم، والحدائق،  والملاعب، وقسم منها في كردستان الشمال طبعا.

وبالنتيجة تراجعت الخطط الانفجارية، والتنموية، واتسعت دائرة المتطفلين من المقاولين التابعين، من الذين ديدنهم متابعة هكذا مشاريع.  

ولذلك بدلا من انشاء جامعات علمية متخصصة بالطب والهندسة، والصيدلة، والعلوم، والتكنولوجيا، والحاسوب، وبدلا من انشاء مستشفيات، ومدارس، ومصانع، ومختبرات، والتاكيد على تنمية الجانب البحثي، والعلمي، يذهب المتطفلون من أبناء الحكومة الى تشجيع ما يسمى الجوانب الترفيهية، والتي يراد منها أصلا تحجيم مادة العلم، والثقافة وتعطيل العقول.

بينما في الدول الدول المتطورة، لم تجد للمظاهر هذه ميزة تذكر، فالاساتذة، والباحثون، والمتخصصون، والاطباء والمهندسون، وغيرهم من المسؤولين، الكل مشغول باداء مهمته على اكمل وجه؛ خوفا ربما من الفشل في التقييم الدوري، أوالطرد، اوالاستبدال، اوالشعور بالخيبة، والاحباط.

فالمظهر بالنسبة للعامة من الناس، هو ان يقال عن ذاك، اوهذا من الموظفين بانه صاحب كفاءة، اومهارة. 

فهناك نوعان من المهارات، هما: soft skills، وhard skills

اما العنوان الاول فيندرج تحته الموثوقية، النشاط، والهمة، احترام الاخرين، وهكذا، بينما يندرج تحت العنوان الثاني، العلم، والخبرة، وعلى اساس ذلك،  يتم التقييم، اومنح المستحق رسالة تزكية للتعيين في اي مكان يرغب به المتقدم.  recommendation letter

و هذا ما يدفع إدارة اي مؤسسة علمية، اوجامعة، ان تستغل توسيع بنائها، ومثلها تفعل الكليات في كل فصل دراسي، واعتمادها على تشجيع المنتسبين للتبرع المالي، سعيا  لتجهيز القاعات والبنايات بجميع ما تحتاج اليه مكونات التكنولوجيا، والتطور العلمي.

 ففي الوقت الذي يتم فيه بناء قاعات جديدة خاصة بأقسام التمريض، والكيمياء مثلا، يتم توظيف المتخرجين من هذه الاختصاصات من خلال اتباع سياق تدريبي خاص بهذا الجانب اوذاك، كتدريب البعض اثناء فترة الدراسة، وصرف رواتب لهم، بغية تهيئتهم الى التعيين لاحقا. 

هنا بناء، يصبح من الضروري دحض لغة المظاهر الشكلية في مجتمعاتنا، وعدم ترويجها، فالثقافة الغربية ليست بحمامات الرياضة التي تروج لها بعض القنوات الفضائية، أوالكابوي الممزق، ولا بالأغاني الغربية، اوقصات الشعر، اوالعطور، اومواد التجميل، اوالافلام الاباحية، انما الثقافة الغربية تعتمد على بناء الانسان بطريقة تنسجم مع مفردات التعامل مع الحياة، التي تتطلب فهم التكنولوجيا، وتسخير العلم لخدمة العقل من جانب، وتطوير الآلة التي يستخدمها هذا العقل من جانب اخر، فالوقت من ذهب، هكذا يقال:

 the time is value، وكما يقال ايضا don't waste my time.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم