أقلام حرة

العرب يُنفذون المشاريع ولا يُفشلونها!!

sadiq alsamaraiطبيعة التفاعلات الدولية ومنذ أن أقامت البشرية دولها بمسمياتها المتنوعة، تمضي على مبدأ التصارع والتنافس على مصادر الطاقة والقوة وتنمية القدرة والإستحواذ على مقدرات الآخرين، وقد مارست العديد من الوسائل والحيل والسلوكيات وعلى رأسها الحروب، ومن ثم تطورت الأساليب وتعقدت وتشابكت وتواكبت مع قدرات التنامي العقلي البشري عبر العصور.

ولا جديد في الأمر إن طمعت قوة بالسيطرة على قوة أخرى أو مصادرة ثرواتها والقبض على مصيرها، فهذا هو القانون المهيمن على الحياة الأرضية وسيمضي إلى الأبد.

فالدول تتآمر على بعضها وتحيك الدسائس والوقائع والأحداث والحروب، وتمزق المجتمعات وتفرقها وتزرع الفتنة فيها لتمرير مساريعها، ورهن إرادة الآخرين وإستعبادهم مباشرة أو بالوكالة، وبآليات متطورة متوافقة مع إيقاعات العصر المطلق الإبداع والتدابير.

والعجيب في أمر العرب أنهم يحسبون التفاعلات الدولية مبنية على القيم والأخلاق والنزاهة والإهتمام بمصالحهم، ويجهلون بأنهم في غاب الدنيا الدولية، وأن الإفتراس هو القانون، والقوة هي الدستور، والقوي يزأر والضعيف يعوي ويثاغي فيستدل عليه المفترسون وينقضون على وجوده كما يشاؤون ويشتهون.

وبسبب هذا الجهل أو السذاجة التفاعلية فأن العرب قد برعوا بتنفيذ مشاريع الآخرين، لسهولة خداعهم وتمرير المصالح بواسطتهم، فهم وبلا إستثناء ينطبق عليهم المثل " شيّم العُربي وخذ عباته"، وهذه اللعبة المبنية على نقاط الضعف العربي تجري في الواقع منذ بدايات القرن العشرين، ولا تزال في ذروة تفاعلاتها ومعطياتها المساهمة في تأكيد مصالح الآخرين البارعين بخداع العرب وأخذ " حالهم ومالهم" !!

فلو تأملنا الواقع العربي لرأينا العديد من الدول تنفذ المشاريع وتجهل آليات ومهارات إفشالها، لأن أنظمتها ربطت مصيرها بمدى نجاحها بالتنفيذ، وإن فكرت بالإفشال فأنها ستُرمى في سلال مهملات الزمن وبمسرحيات سهلة الإخراج والتمثيل.

ولا توجد دولة واحدة لم تسهم بتنفيذ المشاريع، ولا توجد دولة واحد أفشلت مشروعا واحدا، وبسبب ذلك وصلت أحوال العرب إلى ما هي عليه اليوم، وتفاقمت لأن الآخرين قد إكتسبوا خبرات إفتراسية وخداعية بتفاعلهم مع العرب، ومعرفتهم بأكل كتوفهم وتسويغ إندفاعهم إلى جحيمات حتوفهم الحمراء الكثيفة الدخان.

فإلى متى يبقى العرب ينفذون ولا يتعلمون آليات إفشال المشاريع التي تستهدفهم أجمعين؟!!

 

د. صادق السامرائي

 

في المثقف اليوم