أقلام حرة

كوردستان.. الحوار المتوازن قبل فوات الاوان

abdulkalil alfalahقرار الاستفتاء تبنته البعض من القيادات السياسية الكوردية وكانها لم تحسب لافرازاته العملية ولم توافق عليه الحكومة واعلنت عن رفضها القاطع لاجراء الاستفتاء، وعدم الاعتراف بنتائجه على اعتباره خطوة غير دستورية ولا تستند الى القانون،، ورغم ان قيادة الاستفتاء الكوردية أعلنت بكل صراحة أنها تتحمل المسؤولية والاستمرار بالعملية إلا ان قرارات البرلمان في كوردستان الذي انعقد في 24/10/2017 اظهرت ان هناك جهود لتخفيف وتهدئة الاوضاع رغم عدم مشاركة كل الاحزاب والحضور فيه.وقد أصدرتْ حركةُ التغيير الكردية والجماعةُ الإسلامية والتحالفُ من اَجلِ الديمقراطية والعدالة الغير مشاركين في جلسة البرلمان بياناً مشتركاً مطالبين فيه بحلِّ مؤسسةِ رئاسةِ منطقةِ كردستان، وتشكيلِ حكومةٍ مؤقتة . من جهتِه قرَّرَ برلمانُ منطقةِ كردستان تأجيلَ الانتخاباتِ البرلمانيةِ لمدةِ ثمانيةِ اشهرٍ وتجميدَ عملِ هيئةِ الرئاسة .وسرعة ارسال وفد مشترك يضم كافة الاحزاب العاملة في الاقليم للتباحث مع الحكومة الاتحادية في بغداد . حسب  قرار مجلسُ محافظةِ السليمانية في إمهالَ حكومةِ منطقة كردستان خمسةَ عشَر يوماً لارسالِ الوفد.

يظهر ان البعض جاد لاستيعاب الازمة وفي اعادة رسم العملية السياسية بصيغة جديدة في اقليم كوردستان، لاحساسهم بأن لاخيار اليوم افضل من الحوار مع بغداد في ظل عملية عراقية مستقلة مدعومة من المجتمع الدولي ودول الجوار، لتكريس حل مستند إلى الدستور يستهدف معالجة المشكلات المتراكمة بشكل جذري لاعادة تدويرها وتأجيل نقاط الخلاف الى المراحل القادمة.

اذاً يجب ان تدرس القيادة الكوردية الوضع الذي نقف عليه اليوم والتي قد تولد كارثة انسانية لايحسب عقباها ويمحي تاريخهم النضالي  ويتطلب مستويات مختلفة للحل: اهمها، يجب أن يكون الحل في الداخل الكردي اولاً، وأن يتم ضمان وحدة الصف الكردي، قبل ان  تتحويل الأخطاء التي حدثت اخيراً إلى كارثة صراع داخلي واقتتال واحتراب بين الفصائل الكردية المسلحة. ثانياً، الاسراع في الجلوس على مائدة الحوار ومناقشة المخاطرة التي قد تنجر اليها المنطقة وخاصة المواقف الدولية والاقليمية والتي وقفت بالضد من الاستفتاء وأن المضي في القرار وسط أجواء الرفض ومن دون تفاهمات داخلية واضحة كردية - كردية ولا حتى على مستوى التفاهمات المطلوبة مع بغداد، مسؤولية تقع على عاتق الأحزاب والقوى السياسية التي تبنت الاستفتاء وأصرت عليه من دون حسابات منطقية . من الواضح أنها أيضاً، فشلت قبل قرار الاستفتاء في إرساء مؤسسات راسخة للقرار السياسي واهمها تجميد البرلمان ومنع رئيسها من دخول اربيل فاحدث شرخا كبيراً بين الاحزاب المشاركة فيه وتوسعت الاعتراضات على ذلك من قبل بعض الاحزاب ذات الوزن الثقيل في المعيار السياسي في الاقليم مثل التغيير والاتحاد الوطني والجماعات الاسلامية مما اعطى صورة مشوشة في التأسيس للحكم الذي يحظى بثقة الجماهيرعامة و الشعبية للاحزاب الكوردستانية .وفي معالجة الإخفاقات المتراكمة على صعيد منظومة الحكم في العراق.الذي هم جزء مهم منها.  اما المشكلات التي بقيت من دون حل، منها موضوع المناطق المتنازع عليها إلى الشراكة في القرار وغير ذلك، هي سياق لا يمكن تجاهله وهي من الأسباب التي دعت إلى تفجر المشكلات الحالية. لا ننسى ان هناك خلل بنيوي رافق العملية السياسية في العراق منذ 2003 ولحد الان جعلتها محكومة بدوامة الأزمات التي لا تنتهي. أزمة تؤدي إلى أزمة أشد، وهي أزمة عامة وعراقية. أزمة مع الكرد ومع أهلنا في الجنوب  والوسط واشدها في المحافظات الغربية ودخول العصابات الارهابية. ومما لاشك فيه ان الحكومات المتعاقبة بعد التغيير  لم تأتي للعراقيين بما يستحقونه من أمن ورخاء، بل أنتج سوء الإدارة والفساد الذي يعني منه المواطنون في كل أرجاء العراق. واخرها وكانها ليست الاخيرة الحالية التي جعلت رفاق الأمس الذين كانوا يقاتلون في خندق واحد من البيشمركة والقوات الاتحادية والحشد الشعبي ضد إرهابيي «داعش» متحاربين في خندقين متقابلين.

إن منظومة الفساد والمحسوبية المهيمنة على الحكم بشكل عام  هي من الأسباب الرئيسية ألتي أدت إلى التشويش الذي أصاب عملية القرارعند كل الاحزاب ومنها ما في كوردستان .

الازمة الحالية   ليست أزمة كردية داخلية فقط مع الحكومة الاتحادية انما ان المشكلة الرئيسية هي الخلافات الداخلية المعقدة والمترسخة بين القيادات والاحزاب في الاقليم ومن ثم تخص العراق بعمومه، والتي تحولت الى ازمة اقليمية ودول غربية كثيرة كانت تقف حتى الآن إلى جانب الحقوق الكردية وتدعمها، و ما يحصل هو في نهاية المطاف واحد من تداعيات عديدة لمرحلة قد تمتد الى ما بعد نهاية تنظيم داعش المحتومة  التي يحارب العراق معها والتي اوشكت ان تنتهي  منها وتغلق ملفها المؤلم . أن وحدة العراق ركيزة اساسية لهدوء المنطقة واستقرارها، و اجراءات فرض الامن والقانون في المناطق المتنازع عليها ستؤدي لحصول الاقليم على حقوقه الكاملة والتي جاءت في مواد الدستور. و التعويل على المواقف الوطنية التي تحفظ وحدة العراق . بحوار وطني جدي عميق ومتوازن لحل المشاكل العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان،

 

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

 

في المثقف اليوم