أقلام حرة

قيمة الإنسان ورد فعل الإمتهان!!

sadiq alsamaraiالإنسان يجب أن يتحسس قيمته النفسية الذاتية، لكي يساهم في التفاعلات الإيجابية والتواصلات الصالحة، الكفيلة بتعزيز الشعور بالقيمة والدور ومعنى الحياة وحرارة الوجود النابضة فيه، وعندما يفقد الإنسان قيمته ينتهي في متاهات مدمرة لِما فيه وحوله.

فالقيمة حالة نفسية بقائية أقوى من أية طاقة كامنة في البشر، تؤهله لإنجاز مشاريع كينونته وأسباب إبادته أو إنتحاره الذاتي والموضوعي.

ويمكن القول بأن معظم المخاطر التي تعاني منها البشرية لها علاقة بتفقيد الإنسان لقيمته، أو إنكار قيمته ودوره ومعناه، وتحويله إلى شيئ أو رقم.

ومن المعروف أن ما يفرق ما بين البشر والحيوان، هو هذا الشعور بالنفس، بل حتى الحيوان بحاجة للشعور بقيمته وأهميته ودوره، فالكلبة التي يجعلها صاحبها تشعر بأنها بلا قيمة وأهمية تغضب وتنبح وتتغير طباعها وملامحها وسلوكها معه، فتتحول من رؤوفة مداعبة إلى عدوانية الطباع والتفاعلات معه وربما تهجم عليه وتعضه.

ولكل إنسان هوية ذاتية على ضوئها يرى قيمته ومعناه ومنطلقاته ونشاطاته في المحيط الذي هو فيه، ومعظم البشر يولدون وتتحدد هوياتهم بأنواعها منذ الولادة، كالديانة والإسم والشكل واللون والثقافة والطباع والموروث وغيرها الكثير.

وقد يتواءم الإنسان مع ذاته وموضوعه وقد يتخاصم معهما، ولا يمكنه أن يكون سعيدا إذا دخل في تصارعات مستمرة مع ما فيه.

ومن أخطر ما يواجه البشرية بسبب معايير القيمة والتقييم، أنها وبوسائلها التواصلية الإعلامية الموجهة، تجنح نحو الأحكام المسبقة والتعميم الآثم والترويج لما يحط من قيمة الآخرين، إعتمادا على معتقد أو شكل أو لون أو عمل أو حالة فردية هنا أو هناك، وتمضي ماكنتها الفتاكة بالإمعان بتجريد الإنسان من قيمته وإنكارها لدوره وخصوصيته وثقافته وما يمت بصلة إليه، وتحسبه رقما أو شيئا أو تصمه بحالة فردية شاذة حصلت هنا أو هناك ولها علاقة بما يعتقد ويرى، كما ترى هي لا كما يرى هو.

إن توجهات الأحكام المسبقة والتعميم الآثم والتوصيم القائم والإستهداف الظالم، والقول بتجريد الإنسان من حقوقه ومصادرة مصيره والنيل من حاضره ومستقبله، يؤهله للدفاع عن ذاته وموضوعه، والتمسك بقيمته وقيمه ودوره في الحياة.

كما أن إشاعة سلوكيات الرفض والحط من القيمة والشك بالإنسان، كلها آليات ذات تداعيات سلبية ومدمرة للكيانات الإجتماعية والوطنية والإنسانية.

وعليه فأن البشرية عليها أن تستيقظ وتعي بأن جوهر ما تعانية من المشاكل والصراعات يكمن في تغييب قيمة الإنسان وإحتكارها، وإعتبارها حق من حقوق هذا الشعب وليست حقا لذلك الشعب، وفي زمن التعري العولمي، سيؤدي هذا الكيل المزدوج إلى تداعيات مرعبة، لا علاقة لها بدين أو معتقد أو أية صفة أخرى، إنها ذات علاقة قوية وأساسية بشعور الإنسان بقيمته أو بإنعدام ذلك الشعور، فعلينا جميعا أن نسعى لإعادة القيمة للإنسان لكي يتحقق الأمن والسلام!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم