أقلام حرة

البحث عن الحقيقة وقصة مشرع عمان الحديثة!

bakir sabatinمن منا يرفض فكرة أن تكون عمان حديثة بثوبها القشيب، وبنيتها الحضارية، وآلياتها التنموية بمسنناته المنسجمة في الحركة إلى الأمام دون أن تعلك الوقت كالطواحين التي تقرقع  في البطون الخاوية بلا طحين!

والحالة هذه، فإن فكرة عمان الجديدة ما زالت  في طور الفقاعة التي لا تستقر في مكان، ولَم تصل بعد إلى طور كرة الثلج التي تزداد انتفاخاً كلما دحرجتها  الألسن في سواليف الشتاء تحت أسقف بيوت تتفاقم فيها الأزمات؛ لتذوب تحت شمس الحقيقة صيفاً.

فمن لا يمتلك منصات للإنطلاق  لا يفكر بصناعة المركبات الفضائية! والمنصات هي القاعدة التنموية الشاملة والتطوير البنيوي للقوانين، والإصلاحات الجذرية التي تنظم بنية هذه المدينة الحديثة (الحداثية) التي تتمركز فيها الحكومة الإلكترونية، وإدارة الأحلام بما يتواكب والذهاب  إلى المستقبل بمعطيات ما نملك على الأرض، أي منصة الانطلاق المتينة، القائمة على هيكلة الموارد البشرية في إطار الرجل المناسب في المكان المناسب، وسيادة الشفافية وكشف السراديب المتشابكة بين مصالح الكبار والمنافع المتبادلة بين القطاعين الخاص والعام تحت أستار الظلام (إن تحقق من وجودها) كي لا تذوب أموال الدعم الافتراضي للمشروع في مصالح المتنفذين.

والأهم في كل ذلك، وكي نبتعد بالفكرة عن الذباب الإلكتروني العاصف للإشاعات الواقعية أو المغرضة؛ لا بدّ من الشفافية والوضوح في التعاطي الرسمي مع قصة مفرغة من شروطها الزمانية والمكانية والشخوص والحدث المنساب كالنهر الذي له نقطة بداية، وذروة شلال، ونهاية تفضي إلى بحر الواقع بمحدداته المحسوسة. فقصة عمان الحديثة لا يتوفر من شروطها سوى راوي يتحدث في المجالس عن حكاية سندبادنا المستقبلي القادم من غياهب البحار غير المستقرة، والتي تموج فيها التكهنات والأسئلة في المحظورات.

والشفافية من شأنها أن تهيئ لقطع دابر الفساد بأشكاله، كالمحسوبيات والرشاوي والسرقات ونهب المال العام ( إن وجد) بتفعيل دوائر محاربة الفساد، بالإضافة إلى مقاومة التطبيع أو حتى عدم ربط مستقبل الأردن برمته باتفاقية وادي عربة المرفوضة جماهيرياً، حتى لا يربط مشروع عمان الجديدة بخيارات الكيان الإسرائيلي ( كما يشاع في مواقع التواصل الاجتماعي) في جعلها نواة للوطن البديل، وتهيئتها لاستقبال أية مخرجات ديمغرافية لصفقة القرن التي يتهافت عليها العرب لصالح الكيان الإسرائيلي!

لذلك يطرح السؤال نفسه، فهل يمكن افتراض أن تكون عمان الجديدة واقعة  في المفرق مثلاً؛ لتوطين الفلسطينيين، وما يترتب على ذلك من إغلاق لملف اللاجئين نهائياً!؟ وذلك لتأتي حسب ما يرى كثيرون وفقاً لمخرجات التصفية المشبوهة للقضية الفلسطينية في صفقة القرن المفروضة على المنطقة!  أم هل أنني موغل في التشاؤم فيما يتعلق بهذه المدينة التي أعلن عن فكرتها رسمياً، في أن الموضوع برمته مجرد مشروع حضاري مستقبلي لإدارة الأحلام وفق الممكن على الأرض، والسير بالأردن نحو فردوس المستقبل المنشود!؟

إذن لماذا لا يماط اللثام عن كل تفاصيل المشروع؟

وإذا أخذتنا التكهنات في سياق تحليلاتنا المكانية إلى المفرق، فهل يكون البديل وهو المنطقي، امتداداً لمحيط العاصمة عمان، وهل ستستوعب عمان الكبرى التي يتمركز فيها معظم سكان الأردن هذه المدينة الافتراضية التي تشبه المدن الأسطورية غير المكتشفة في غياهب الأمازون،  وقد زحفت المدن المجاورة إلى العاصمة عمان، لا بل وتداخلت سكانياً معها، كالزرقاء ومأدبا والسلط٠

وحتى لا تأخذنا الظنون بعيداً، فلا بد قبل كل شيء من تحديد مكان هذا المشروع الخيالي، وميزانيتهه، ومصادر دعمه، وشكله، وهل هي عاصمة أردنية محضة أم عاصمة فليدرالية لمشروع سياسي قادم يتهدد بنية الأردن ديمغرافياً وفق الرؤية الإسرائيلية، وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية في إطار صفقة القرن كم أشرنا آنفاً!؟

هذه أسئلة تعوم لوحدها في هواجس الأردنيين ما دامت هذه المدينة طفت على السطح فجأة بدون ملامح بعيداً عن الشفافية، فمن حق أسئلتنا أن تحلق عالياً ما دام المشروع يكتنفه المجهول.

من هنا ينبغي على الحكومة كشف المتواري والمستور، بأن تعمل  بشفافية خالصة على تنوير المواطن الأردني المنهك حتى لا تتجاذبه الظنون في اتجاهات تفرضها المصالح الإقليمية، وتدخل البلاد في دور إقليمي  وظيفي قد يحرج سيادته المقدسة على كامل التراب الأردني، وتدخل الدب إلى كرمنا! كل هذه التحليلات جاءت من وارد ما يقال على مواقع التواصل الاجتماعي حول فكرة عمان الجديدة التي فاجأتنا الحكومة بوجودها دون سابق إعداد!! وهي تفاعلات متاحة للقاصي والداني دون حجاب.. ألشفافية أولاً يا حكومة، ولا تخضعوا  الرأي العام لبالونات الاختبار، فالمواطن الأردني وإن بدا مغبوناً؛ لكنه قادر على التحليل بعمق والحكم على ما يطرح عليه جوهراً ومضموناً."عجبي".

صباحكم ثقة ونماء أصدقائي.

 

بقلم بكر السباتين

 

 

في المثقف اليوم