أقلام حرة

الصراع الفكري بين قوى الاستنارة والظلام!

shaker faredhasan2الصراع بين الثقافة الديمقراطية العقلانية المستنيرة، وثقافة الاقصاء والتغييب والحجب والتكفير على أشده، والاتجاهات التعصبية لها الغلبة وتحاول السيطرة على ساحات الحوار، بسبب ديماغوغيتها ونقص الوعي الفكري والايديولوجي ببن القطاعات الشعبية المسحوقة .

وهي اتجاهات تحارب الحداثة والمعاصرة في التراث الديني، كالمعتزلة وابن رشد والفارابي والكندي وأبو حيان التوحيدي وابن عربي وأبو العلاء المعري ومحمد عبده والكواكبي والافغاني وقاسم أمين ورفاعة الطهطاوي، وكوكبة أخرى من رجالات الاصلاح والنهضة والمبدعين المثقفين، اضافة الى نخب الحداثة والمعاصرة الجديدة كحسين مروة ومهدي عامل وفرج فوده وطه حسين ومحمد عابد الجابري ومحمد اراكون وصادق جلال العظم وسواهم .

واتجاهات التعصب أيضاً تغرس وتنشر ثقافة الكراهية الطائفية والدينية، التي تساهم في توليد العنف، وترفض حق الاختلاف، وتمارس الارهاب والقمع الفكري ضد المختلفين معها، وضد المناوئين والمعارضين لسيطرتها ولأفكارها ومفاهيمها المتزمتة، وتقوم بتشويه عن قصد أو غير قصد الرأي الآخر، وتقدم خطاباً شعبوياً يجمع بين التكفير والتخوين .وتعتمد التكفير سلاحاً حاداً في مواجهة الخصوم في الفكر أو جواباً على الخلاف في الرأي .

التكفير يعني الغاء الآخر واقصائه معنوياً ومادياً، وثقافة التكفير أدت الى منع التفكير، وهي ثقافة قائمة على التعصب والكراهية ورفض الآخر المختلف . وقد جرى تكفير الكثير من رجالات العلم والفكر والثقافة والابداع كخليل عبد الكريم ومحمد اراكون ونوال السعداوي وسيد القمني،  وحكم على الراحل نصر حامد أبو زيد بتفريقه عن زوجته والعزل والمقاطعة .

لا شك أن الاخفاقات المتكررة لمشاريع النهضة والحداثة في العالم العربي، نتيجة انعزال رواد الفكر العلماني التقدمي التنويري النهضوي النقدي عن القوى الاجتماعية التي لها مصلحة في التطور والبرمجة على مفاهيم مضادة للحداثة، فضلاً عن التحولات الاجتماعية والسياسية في المجتمعات العربية أدى وقاد الى صعود قوى التعصب والانغلاق، وانحسار الفكر التقدمي المستنير الذي يميز الاتجاهات العقلانية والتنويرية والديمقراطية .

هناك الآن فرصة كبيرة للثقافة التنويرية بالانطلاق، وذلك على ضوء الأزمة التي تواجهها قوى الاسلام السياسي، واتجاهات التكفير والتحريم والبطش الارهابية بعد دحرها في العراق وسوريا .

وهذا يتطلب فتح نوافذ ومنتديات جديدة للحوار الفكري، وحرية التعبير، وحرية البحث العلمي الاجتماعي على أسس الاعتراف بالتعددية والرأي الآخر وبحق الاختلاف، واحترام العقل وحق الاختلاف والتعدد الثقافي، الحجة ضد الحجة، والفكرة ضد الفكرة في حوار ديمقراطي مفتوح، والاحتكام الى القوانين والعلاقات الديمقراطية في تسوية الخلافات والتجاوزات، والعمل بشكل دائب على نشر وتعميق الثقافة الانسانية ذات المحتوى الديمقراطي التنويري .

 

بقلم : شاكر فريد حسن

 

 

في المثقف اليوم