أقلام حرة

"تبغددوا" يا عراقيين !!

shaker faredhasan2بغداد عاصمة الرشيد، وبيت الحكمة، ودار العلم، ومنارة المعارف، ومنبر التنوير، ووطن الثقافة والمثقفين، والابداع والمبدعين، والفن والفنانين، التي أسسها الخليفة أبو جعفر المنصور .

هي أكبر مدينة متعددة الثقافات، شكلت على الدوام مرتعاً خصباٌ لطلبة العلم، ومركزاً للآداب والعلوم والفنون .

ازدهرت مدارسها وتفوقت علومها وصدحت قصورها بالغناء والموسيقى تقاطر عليها الشعراء والكتاب والأدباء ورجالات القلم والعلماء وعشاق المعرفة، وكثر الاجتهاد في مساجدها، وانصرف الناس الى الانشغال في أمور وقضايا الفلسقة والحياة والموت، وساد الجدل والسجال الفكري والثقافي الذي أسهم في حركة الابداع والتأليف والترجمة .

امتزجت الثقافات وبرزت خلاصات فلسفية  وعلمية، وازدهرت فيها الثقافة الكونية، وقدمت للحضارة الانسانية صفحات ناصعة ومضيئة من التاريخ الثقافي والأدبي، والتمدن العصري الحضاري .

اعلن عنها في العام ٢٠١٣ عاصمة للثقافة العربية، وشهدت فعاليات ثقاقية وفنية ومعارض بهذه المناسبة، ورأى بعض المثقفين والمبدعين العراقيين في حينه، أن هذه التظاهرة الثقافية اوجدت حراكاً ثقافياً مهماً في بعض المجالات، لكنها لم تنقذ الوضع الثقافي، الذي تعيشه نتيجة الظروف الاستثنائية التي يمر فيها العراق، بفعل الحروب والصراعات الداخلية والاوضاع السياسية العامة .

بغداد التي كانت مصدر اشعاع ثقافي وفكري وأدبي ستنهض من بين الركام من جديد، بعون وفضل مثقفيها ومفكريها ومبدعيها ورجالاتها الأفذاذ، وبدعم كل المتنورين والاحرار والشرفاء من عشاق الحرية والثقافة والالتزام الوطني والطبقي في العالم الواسع .

ويحق للعراقيين أن "يتبغددوا"، فمن رفع راية الحضارة وأنار الدنيا بالعلوم والآداب والوعي التنويري والثقافي طوال قرون، ومن يملك ينابيع الحضارات والهام الثقافات، ومن يغزل من رطب نخيل البصرة أعذب المواويل العراقية، ومن ينسج من نهري دجلة والفرات عباءات الشعر وأجمل القصائد واشجى المقامات العراقية، يحق له أن " يتبغدد " ..!

ورغم الألم والوجع الكبير، وما حل من محن وويلات ومعارك مخضبة بالدماء، ورغم قتامة المشهد السياسي العراقي، ستبقى بغداد بتاريخها العريق الماجد وثقافتها الأصيلة رمزاً يضيء سماء العراق وأوطان العرب قاطبة .

 

 بقلم : شاكر فريد حسن - كاتب وناقد فلسطيني

 

 

في المثقف اليوم