أقلام حرة

لماذا قاسم سليماني متنفذ في السليمانية؟

emad ali2على الرغم من الخلافات الداخلية الكردية وما نتج من الحرب الداخلية التي مهدت للجوار الايراني والتركي بالتدخل في شؤون كردستان باستمرار الا ان قوة نفوذ ايران لم تكن بهذا الحد على ما هي عليه الان حتى اثناء الفوضى العارمة التي ضربت العراق وكردستان وما بعدها وتغيرت الاحوال بالشكل المعلوم .

الواقع الجغرافي ومنطقة نفوذ الحزبين وعلاقة الحزبين الكردستانيين المسيطرين على زمام الامور بنسبة معينة لكل منهما مع بغداد من جهة ومع ايران او تركيا من جهة اخرى لها التاثير الهام والكبير في تحديد عمل قاسم سليماني وكيفية تنفيذ مواقفه وما وصل اخيرا الى حال يمكن ان نقول الى اصدار اوامره وتهديداته وهو مطاع من قبل شلة بينت الاحداث الاخيرة بانه لا صلة لهم بمصلحة الامة الكردية ومستقبل اجيالها.

خطوات ايران في المنطقة لا تنطلق من نياتها في تنفيذ الهلال الشيعي واهمية كردستان في اكتمال الهدف المنشود لها من السيطرة على المنطقة دون منازع فقط، وانما تهدف ايران الى ان تعيد امجاد الامبراطورية الفارسية في غفلة من الزمن وفي ثنايا الفوضى التي فرضتها المعادلات السياسية والتي تتشابك مع بعضها في منطقة الشرق الاوسط متخذة اسهل المسارات لتقدمها، وتريد ان تعيد التاريخ وتسعى الوصول الى غاية وضعت اللبنة الاولى لها عند نجاحها في استغلال المذهب في التصارع مع المناويء والمنافس وحتى ابان نظام الشاه المحسوب على العلمانية .

من يعرف السليمانية كمدينة وشعب من نواحي عديدة ربما يستغرب مما يجري من الرضوخ لاوامر قاسم سليماني وحرية عمله في هذه المنطقة اكثر من غيرها، الا انه لو تعمق المتابع في الخلافات المتعددة الاوجه بين السلطة على الارض في السليمانية مع اربيل فانه يعلم ما فيه الكرد من التشتت والارضية التي تسهل التدخل ليس لمن له القدرة مو النفوذ الاقليمي والدولي فقط وانما لكل من هب ودب. اما اهداف ايران بشكل عام في اهتمامها الخاص بهذه المنطقة عدا كونها متلامسة معها دوما شعبا وارضا، فهي عديدة:

*تدرك ايران جيدا ان الحركة الكردية لكردستان ايران لا يمكن ان تؤثر على وضعها الداخلي دون ان تكون منطقة السليمانية موافقة لهذه الاحزاب ان تفعل ما تريده لتحقيق اهدافها سواء من خلال نشاطهم العسكري او السياسي، وبه يمكن لقاسم سليماني ان يلجم من يريد لمنع ذلك اينما ووقتما شاء.

*ولاء او في احسن احوالها تحالف السلطة الكردستانة في اربيل لتركيا لم تكن يوما منطلقا من رضا جميع الاطراف في كردستان، والمصالح المختلفة بين الحزبين المتنافسين جعلت السلطة في كردستان غير متوحدة في كافة المجالات واهمها العلاقات الخارجية، وعليه اصبحت علاقة ايران مع السليمانية وسلطتها في حكم الضرورة والواقع . وحتما حققت ايران هدف اخر من هذا وهو الابقاء على الحركة الكردية حتى في اقليم كردستان منقسمة على نفسها ومشتتة، وهذا الهدف الاساسي وهو لا يمكن في هذه الحال ان تكون دعما للاحزاب الكردستانية الايرانية، عدا هدفها الاهم في ان تجعل كرستان تبقى غير مستقرة وتابعة لبغداد بعدما تتركها على ما هي عليه تعيش في الامر الواقع لحين تنتهز اية فرصة مؤآتية وتحقق ما تريد، لتعود كل شيء الى مواقعها وتقطع الطريق امام تحقيق اهداف الكرد في جميع اجزاء كردستان وكما يحدث الان بعد عملية الاستفتاء لاستقلال كردستان.

*الغموض في العلاقات المختلفة بين الجهات الدولية والداخلية الكردستانية ذات الصلة تدفع بان تتمسك ايران في اضعف الايمان بكردستان الضعيفة مقارنة مع الاخرين من اجل تحقيق مرامها حتى اليومي من الاحتكاك مع القوى الكردستانية الايرانية او البقاء على قوتها وامكانياتها في منع اطمئنان هذه الاحزاب في تواجدهم في هذه المنطقة، وعليه يمكن ان تبعدهم عن حدودها اكثر ما يمكن وبه تصعب من نشاطاهم وتواصلهم مع قواعدهم في كردستان ايران .

* تستخدم ايران السليمانية في تقليل من نفوذ تركيا كهدف جوهري لها عدا استخدامها في الضغط على الطرف الاخر في السلطة الكردستانية في حال اتخاذ اي قرار يمكن ان يقع لصالح تركيا واهدافها هي دون ايران ايضا في المنطقة في كردستان بشكل خاص العراق وفي المنطقة بشكل عام.

وعليه، يمكن ان تستوضح لدينا الارضية المؤدية الى سهولة عمل ايران في منطقة السليمانية وان يصبح قاسم سليماني امرا ناهيا له ما يريد، واخيرا يفعل ما يهمه من احداث الشرخ الكبير بين مواقف القوى الكردستانية ازاء عملية الاستفتاء ومن ثم التدخل العسكري في المناطق المتنازع عليها، وادار بما فعل كفة الميزان لصالح المركز العراقي وامكنه من الدخول السلس دون اية مقاومة من قبل قوات البيشمركَة لتلك المناطق ونفذ ذلك كله بطرق قاسم سليماني الخاصة المعلومة عنه وبسياساته الهادئة ولكنها الحازمة وان يصدر اوامره المطاعة في الوقت المناسب. وعليه يمكن ان نقول ان السليمانية اصبحت معقلا خاصا بقاسم سليماني اكثر من ان تكون تحت سلطة القوى الداخلية .

وهنا يجب ان لا ننسى بان التغييرات التي جرت جراء الاحداث الاخيرة كانت لصالح ايران اكثر من ادعاءات العراق وبيان نفسه على انه المنتصر القائم على ما حدث .

 ومن جانب اخر اضعفت موافقة تركيا وتبعيتها لايران في وقوفها ضد عملية الاستفتاء الكردستاني من موقفها اي تركيا بنفسها دون ان تدرك ذلك الا متاخرا وقد عماها تعجلها في اتخاذ القرار لكونه ضد الكرد اينما كان، وعلى اعتبار اي حركة معادية للكرد قدر الامكان في اي جزء يقع لصالحها، دون ان تحسب لمابعدها. وها نسمع من التسريبات الاخبارية انه حتى سلطة اربيل قد ادارت وجهها نحو ايران بهدف النكاية بامريكا وتركيا التي خذلتها، توافقت امريكا وتركيا مع ايران وسهلتا لها كل ما بوسعهما لمنع خروج علمية الاستفتاء لاستقلال كردستان بسلام، والاجتماعات والاتفاقيات ماقبل الاستفتاء شاهد على ذلك، ولكن اللاعب الاساسي هو ايران وهي في طليعة من يعمل على الارض، وحدث من ما جرت من بعد عملية الاستقتاء كما يعلم الجميع على مراى امريكا وتركيا، وربما يدركان الان بان ثمرة ما حدث بعد الاستفتاء تقطفها ايران لوحدها، وبه يمكن ان تخسر تركيا جزء كبير من مصالحها من نتائج ما يحدث وتقع التغييرات السياسية والدبلوماسية لصالح ايران كنتيجة على ارض الواقع . وبه يمكننا ان نقول، لازال قاسم سليماني يعمل بجد وهمة واصاب هدفه المرحلي ويسير بنشاط وهو ينجح في خطواته المرحلية الى ان يصل ببلده الى تحقيق هدفها الاستراتيجي وهو تنفيذ الهلال الشيعي على الارض بكل سلاسة . وقاسم سليماني يعلم جيدا، عدا بغداد فان السليمانية هي الارض الخصبة للانطلاق منها والتي تدفع بنجاح توجهاته وعليه يتواجد فيها باستمرار تقريبا وله ما يريد بكل احترام واعتزاز.

 

عماد علي  

 

 

في المثقف اليوم