أقلام حرة

مشاعري تدعوني لأن أقف مع الثاني

akeel alabodبعد ان استوقفتني طريقتهما في الأداء، وجدت نَفْسِي اكثر استئناسا مع الثاني، ولم اكترث للأول، الذي كانت طريقته ولغته كما تبدو، اكثر بلاغة وفصاحة من الخطيب الذي تم ترشيحه من قبلي للفوز، لذلك بقي السؤال يتردد عن كيفية المقارنة بين الاثنين، وأول السؤال، هو انه لماذا لا أحب ان أكون متفاعلا مع الاول؟

حاولت ان اجد حلا لهذه المسألة، ولكن دون جدوى، اذ لا يوجد ما يدلني عن سر ذلك، اي سر تذوق فن الالقاء والخطابة-لماذا كان الثاني اكثر تأثيرا من الاول بحسبي؟

هنا باعتباري ليس حكما، اوحاكما، في مباراة الأداء اللغوي للخطبتين وطريقة الالقاء، توقفت قليلا، حاولت ان أعلن انتمائي للخطيب الاول، باعتبار ان الاعلام كله معه، والعامة كلهم كانوا، كما يقال عادة، يرفعون القبعات الى صاحب الكلام الجميل، والمتقن وبشكل عفوي. 

لكنني مع هذا، وجدت نفسي اكثر انتماء الى مشاعري؛ فعلاقتي الحسية مع هذا الذي أراه بلباسه البسيط، بملامح وجهه؛ تلك التقاسيم التي تنبض بالعفة والحياء.

 لذلك وبما انني دائما لا يهمني الاعلام، ولا تهمني الشهرة التي يتم تسويقها تحت عنوان فلان، اوعلان، لذلك قررت فقط الارتباط مع صفاء القلب، لقد ايقنت حقا ان السريرة الكائنة في نفس الانسان، ونقائه الروحي هي الاولى.

هذا التفسير، اوالتيرير هو الذي دفعني اذن، لأن اعتبر الثاني اكثر نجاحا-انسان يتحلى بالصبر والثبات، لم تسلط عليه الاضواء، يتحدث بدون تكلف، وبضمير حي، هدفه إيواء المستمعين اليه، الى دائرة أفكاره، ارشادهم الى معنى الصدق، والزهد، والمحبة، والتواضع بأسلوب يكاد ان يكون اكثر مواءمة من غيره، ما يجعله يسري في القلب بطريقة كما انسياب موجة رائقة.

ولهذا تم تسجيل الملاحظة أعلاه في دفتر مذكراتي، والتي مفادها ان التأثر بالخطيب، اوصاحب المنبر،اساسه الارتباط الوجداني الحسي، قبل العقل، فالعقل أداة وظيفته ترجمة ما يجول في داخل هذا الوجدان عبر الالتصاق بالمؤثرات احيانا.

بينما الوظيفة الحسية اكثر أهميتها بالنسبة للبعض من الناس من الوظيفة العقلية، لانها ترتبط في نفس المتكلم ارتباطا وجدانيا، فهي الذات الفاعلة والمؤثرة، هي القلب وهي البصيرة، اما ما يتعلق بفيزياء العقل، فهو من قبيل الارتباط المجرد،  والذي دائرة علاقته مع المجتمع وقوانينه ومكوناته، تسبق دائرة ارتباط الحس، وبما ان الفرد بشكل فطري،  طريقته، ونظامه  في التفكير يختلفان أصلا عن الاخرين، إذن دعني أتوقف عند الثاني بشكل فطري، دعني أصفق لوحدي بعيدا عن مسرح الجمهور كما يقال.

 

عقيل العبود/ ساندياكو

 

 

في المثقف اليوم