أقلام حرة

الحياة تحكمنا!!

sadiq alsamaraiالعلاقة ما بين المخلوقات والحياة معقدة وذات مشارب وغايات وتصورات ومنحدرات وتداخلات متشابكة لحد الغثيان والضلال والبهتان، وقد حاولت الشرائع والتقاليد والأعراف والقوانين والأديان أن تنظمها وتمنحها آليات الإنسياب السلس، لكنها وبلا إستثناء باءت بدرجات متفاوتة من الخسران.

وفي واقع السلوك الذي يشمل جميع الأحياء أنها بمسعاها تحرص على الحياة وتجاهد من أجل البقاء، فكل مخلوق له آليات بقاء تساهم في ديمومة وجوده ورعاية مصيره، والمخلوقات بأسرها تراعي مصالح نوعها وتداري قدراتها وتتواكب مع مستجدات زمانها ومكانها، ولا تفتك بنوعها إلا لضرورات بقائية وأسباب موضوعية.

ويشذ عن هذا البشر الذي يتحفز بأنانيته وبقدرات القِوى التي تتفاعل في دنياه وتستخدمه لما تريد وترغب، ولا يعنيها مصيره وما سيحل به بسبب نوازعها ونواياها المتأججة القادرة على الإعماء والإغواء والتضليل والإلهاء.

والسلوك البشري لا يمكن إخضاعه لقوانين ثابتة بسهولة وإحكام، لأن الطاقات التي تتحكم بما يبدر منه لا تعد ولا تحصى وأنها في تنامي وإزدياد، حتى لتطغى وتسود وفقا لظروف الزمان والمكان، وتمضي في سلسلة التداخلات المريرة والنتائج العسيرة.

وبسبب الدماغ البشري وقشرته السميكة فأن علاقة البشر بالحياة ذات آليات متغيرة وتكاد تخلو من التقدير والإستنتاج، وإنما هي حالات إنفجارية وتطلعات فورية تساهم في صياغة الأحوال المتشابكة الساعية للتعقيد والتقييد.

ولا يمكن فهم العديد من السلوكيات الفردية والجمعية لأنها ذات منحنيات ومنحدرات وصيرورات تفاعلية معقدة ومستترة تحت أغطية كثيفة وأقنعة متنوعة، وأحيانا يبدو الحال وكأنك أمام رأس بصل كبير الحجم وعليك أن تقشّره بمهارة وحذر لكي تصل إلى قلبه ومنبع فحواه.

وفي جميع الأحوال فأن العلاقة ما بين المخلوق والحياة هي التي تتحكم بمعطيات السلوك، وترسم خارطته وإتجاهاته المتفاعلة مع الذات وما حولها.

ومن صعب تحديد منابع النوازع والرغبات ولماذا يسعى هذا المخلوق بهذا الإتجاه دون غيره، فهل هي سلطة الحياة وإرادتها الدافعة نحو محطات لا ندركها، أم أنها الطاقة الكامنة في المخلوق والمتحقق فيه حال إبتداء تخليقه وتناميه وولادته؟

إنها لتساؤلات صعبة وتحديات كبيرة لا يزال البشر في منأى عن إدراك حقائقها والأجوبة الصائبة عليها، لكن دفق المسيرة الخلقية يتواكب والموجودات تتدافع، والحياة ماضية ومتألقة بكل ما فيها وما عليها وما تريده ولا تريده!!

 

د. صادق السامرائي

 

 

في المثقف اليوم