أقلام حرة

"في الأردن" سلامة فهمكم

bakir sabatinعلينا أن نميز بين ابتسامة الذئب لأسود الغاب أو للحملان!

لم تعتذر "إسرائيل" لأهالي الشهداء الأردنيين خوفاً من احتمالات الرد الأردني المزلزل، أو اعترافاً بمكانة الأردن الذي حذفت إحداثياته الكيانية علناً من معادلة صفقة القرن التي سيتم من خلالها تصفية القضية الفلسطينية على حساب الأردن بما يعرف بالوطن البديل! وهو ما لن نسمح به كشعب أردني يؤمن بحقوق الفلسطينيين المشروعة ويعتز بهويته ويؤمن برفعة وطنه الشامخ بإنفة واعتزاز في عالم تتساقط فيه الأقنعة، شعب لا يسامح عدوه الصهيوني الغاشم!! إذاً ما سر هذا الاعتذار المباغت لأهالي الشهداء والذي جاء خلافاً لما أصر عليه نتنياهو حتى وقت قريب، بعد أن مرغت "إسرائيل" كرامة الوطن في التراب ( مع الأسف الشديد) ، وتجاهلت اعتبار الهاشميين وصياً على المقدسات الإسلامية في القدس الشريف القابع تحت نير الاحتلال في ظل حماية أهله المرابطين، تلك الرعونة الإسرائيلية إزاء الأردن والداعمة لموقف بن سلمان في الاستحواذ على حق الوصاية تمهيداً للتنازل عن القدس بما في ذلك التغاضي عن قرار ترامب القاضي بنقل سفارة بلاده إلى المدينة المحتلة والمطعونة بالظهر.

في الحقيقة أن الاعتذار الإسرائيلي (المضحك) الذي أريد له أن يظهر الكيان المحتل كالحمل الوديع جاء في الأصل خارج سياق ما روج له الإعلام المخدوع أو المشبوه، ؛ حيث أن الشواهد تقول غير ذلك؛ فهو إما لتبرير موقف الأردن من أجل إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في عمان والمرفوضة على مستوى الجماهير الأردنية، أو لأن الأردن قيادة وحكومة وشعباً تكاتفوا جميعاً لأول مرة ضد قرار ترامب وحافظوا على كرامتهم، وتقبل الأردنيين سياسة شد الحزام على البطون لتحمل تبعات قرار تجميد الدعم الأمريكي للخزينة الأردنية حتى يستجيب راضخاً لسياسة الإملاءات الصهيوأمريكية المهينة، والأنكى أن الأردن وكما صرح مروان المعشر في وقت سابق بأنه بات دون حلفاء، الأمر الذي دفعه باتجاه البحث عن تموضع جديد في المنطقة التي يقف عليها المعارضون لصفقة القرن ممن يدرجون الأردن في قائمة أهم الدول الإقليمية المؤثرة ذات المكانة المتميزة والذي يعد في نظرهم من الأرقام الصعبة في أية معادلة استراتيجية محتملة، وليست كما يراه المتربصون به "فقط" مجرد دولة وظيفية وجدت لحماية الكيان الإسرائيلي لجسر علاقاته مع دول الخليج العربي، ولا يمتلك زمام أمره حتى في إغلاق سفارة عدو غاشم يتربص به في وضح النهار، يعني أن الأردن وجد أخيراً ذاته مع معسكر (قطر وإيران وتركيا والمقاومة) دون أن يتنازل عن حلفائه السابقين في محاولة منه للتموضع المتوازن في عالم يتغير، ذلك التموضع الذي سيحرج موقفه فيما يتعلق بعلاقته العميقة مع الكيان الصهيوني رغم عدم احترام الأخير لمكانته الإقليمية، خلافاً لما يراه الشعب الأردني على اعتباره كيان مجرم تجب معاقبته من خلال تقديمه لمحكمة الجنايات الدولية، لا بل لا بد من اجتثاثه من جذوره.. الآن ستعود العلاقات الأردنية الإسرائيلية إلى مجاريها "العادمة"!! فهل سيغير الأمر من المعادلة شيئاً!! بمعنى هل سيكون للأردن وجود في صفقة القرن بالإضافة إلى استرداد حقوق الهاشميين في الوصاية على المقدسات في القدس الشريف!!؟ يعني ماذا وراء اعتذار الكيان الصهيوني المبهم لأهالي الشهداء والذي لا يمثل اعتذاراً للوطن، حيث جاء متأخراً جداً دون أن يغير من صورة الكيان الصهيوني المجرم المحتل شيئاً في نظر الشعب الأردني الأبي، علماً بأن تعويض الأردن في وقت سابق للضحايا الإسرائيليين على إثر عملية الدقامسة لم تعف من سجن منفذها أحمد الدقامسة لمدة تتجاوز العشرين عاماً فهل سيفعل نتنياهو ذلك من القاتل الصهيوني زئيف.. وفي سياق ما قلناه أيضاً فأن مجرد إعادة فتح السفارة الإسرائيلية في عمان لن يحول أبداً المحتل الصهيوني القاتل في عيون الأردنيين إلى حمامة سلام تسمعنا الهديل.

وأخيراً علينا أن نميز بين ابتسامة الذئب المتربص لأسود الغاب وهي تزأر في الفيافي أو للحملان في ظل شريعة الغاب! عجبي.

 

في المثقف اليوم