أقلام حرة

نستدل ما تحمل امريكا من دقائق تعاملها مع قضايا منطقتنا

emad ali2من يريد ان يتاكد من ما تعمق به ماركس في نظرياته واستدلاله لما يمكن ان تصل اليه الراسمالية كفكر وفلسفة وهو لم يعش في القرن العشرين وما يحصل اليوم ونشاهده وما وصلنا اليه، فاننا نخرج باعتقاد صحتة نظرة وتوقع واستدلاله في حينه. ولابد ان يتمعن اي منا جيدا في كل صغيرة وكبيرة لما تقدم عليه امريكا في خطواتها والمباديء التي تعتبرها ثابتة في سلكوها, وهي لم تخرج منها مهما كانت الدواعي الانسانية وما يهم الانسان الذي تتشدق بها ليل نهار، ويمكن ان يدعوا او يفرض ما يهم الانسان وحياته الى تجانب ما تسير عليه لو آمنت ولو بنسبة ضئيلة جدا بها حقا. على العكس من كل ادعائاتها التي اتهمت الاشتراكية والشيوعية بتعاملها مع الانسان كالة من اجل خداع الجميع منذ صراع القطبين، وكيف اخطا القطب المصارع معها واعطاها كل الذرائع ووفر لها الارضية لتفوقها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. الا انها منذ احساسها بانها انتصرت وحتى اليوم لم تخرج من خوفها وذعرها في قرارة نفسها من ان الاشتراكية عائدة لا محال في نهاية الامر بعدما تيقنت من ان نهاية التاريخ لم تات بعد ولم تظهر حتى في الافق لحد الان.

لا اريد ان نتكلم عن الفلسفة الراسمالية ونهايتها الحتمية في المدى البعيد والتي تؤكده كل النظريات العلمية المعتبرة، فلا يتسع هنا ان ندخل في معمعة النقاشات او ان الظروف الموضوعية هي التي تحكم علينا جميعا ان لا نخوض هذا في مثل هذا الواقع السياسي الفكري الاقتصادي الطاغي الموجود في هذه المرحلة في منطقتنا وما شابت الحياة من التعقيدات والخلط الكبير مما يصعب التفريق بين حتى الافكار المتناقضة عمليا على ارض الواقع وبالاخص من منطقتنا.

لو اردنا ان نتعمق في سلوك امريكا يستوضح لنا ما تسير عليه وهي لا تتورع من حتى خداع نفسها من اجل ان تظهر وكانها هي التي يمكنها ان تفعل ما يهم الانسان، وتنتهج طريقا ما ويمكن ان تبين للجميع بانهاهي حقيقة الراسمالية بعينها في النهاية، وهي لا تمت بهذه الفلسفة وحتى بشكلها بصلة، ولمجرد تكتيك وقتي من اجل تحقيق هدف في نفسها وكمناورة مرحلية من اجل تحقيق الاستراتيجية المخططة من قبلها. فلنعد الى ما نلمسه يوميا من مجريات السياسة التي تعمتده، وهي بنفسها التي تبين وتكشف لنا صلب تعامل الراسمالية مع مراحل ما قبلها وكيف يمكن ان تصل الى ما تريده لها باية وسيلة توفرت لديها وتتناقض مع نفسها بتغيير المرحلة والمكان، اي تغير من لونها وشكلها وفق مكان وزمان مختلف عن الاخر.

اننا نرى كيفية الاستمرار عل مراوغاتها باسماء وادعاءات مختلفة في القضايا ذات الصلة بمنطقة الشرق الاوسط وكيف تصارع مع الاخر وفق ما يمكنها وما توفرت لديها من كافة النواحي بعدما استبعد الند لمدة نتيجة الانهيار الذي اصابه منذ عقدين واكثر.

عندما كانت امريكا تحتاج الى اعضاء الحلف الاطلسي كانت لا تخرج بقدر شعرة من ما يهم كل عضو، وبعدما تغيرت الامور، اي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي بدات التراجعات تستدلي في توجهاتها الثابتة ابان الحرب الباردة، اي تعاملها مع الاعضاء من جهة ونظرتها الى القضايا الملحة في المنطقة من جهة اخرى، وكيفية تحديد مصالحها من اية خطوة تبديها . في هذه المرحلة التي نرى خطوات الجميع على النور الساطعة، فان امريكا هي التي توضح للجميع يوما بعد اخر التغييرات التي طرات على توجهاتها ونظرتها بما تبديه من مواقف يومية من الحوادث والمتغيرات اليومية وافعالها هي وما تقوم به تكشف ما هي الا واضعة كل ما تكن في نفسها امام الاعين ما يهمها، وما المؤثرات التي يمكن ان تفرض افرازات تؤثر بشكل مباشر ما تؤمن بها وما يحدث ازاء ثوابتها المختلفة .

لو نذكر قضيتين هامتين في المنطقة ونستدل من خلال تعامل امريكا معهما في تفصيلاتهما، وهما القضية الفلسطينية والكوردية، فان تعامل امريكا معهما بتوجه وطريقة تستوضح بشكل كبير ما لديها وما تفكر به، ومن خلال تفاعلها معهما تبين كيفية صراعها مع روسيا والدول ذات الاهمية الاخرى اصحاب الشان والموقع وما مدى بقاءها على الصداقات والعداوات ازاء من تعاملت وتتعامل معه. فنرى :

*انها غير ثابتة في نظرتها الى اصدقائها والمصلحة فوق اي اعتبار وها نرى كيف تتعامل مع تركيا وافعالها ولم تحدد استراتحيتها لحد اليوم ازاء ما تنويه تركيا ورئيسه اردوغان ومدى تغيير توجهاته، بشكل واضح، اي انها متخلخلة وقلقة وغير واضحة، ولكنها تبين مدى استخفافها باصدقائها المدللين .

*انها من جهة اخرى لم تحدد هدفها ونظرتها وكيفية تعاملها مع القضية الكوردية وما يهم الكورد باسترايتيجة واحدة، وتتعامل مع ما يجري يوميا بشكل وجوهر مختلففي كل ما يجري ويتغير يوما بعد اخر، ولا يمكن استدلال ما يمكن ان تقوم به في اية عملية او طاري يمكن ان يحدث في المنطقة ويكون له التاثير المباشر على القضية الكوردية.

* انها تتعامل بشكل متنوع مع روسيا وبعاتبار انها تتفعل وفق ما يهمها من منظور القضايا العالمية المختلفة وليس على اساس انهاهي الدولة الند في القضايا كافة، اي تختلف امريكا في تعاملها مع روسيا في كل قضية على حد مختلف تماما لاخرى. وهذا ما يمكن ان نؤكده فيما نراه من تعاملها مع روسيا وفق ما تتطلبه القضيتين الكوردية والفلسطينية بشكل مختلف تماما .

* انها تختلف حتى في علاقاتها وتعاملها مع اركان القضيتين بشكل بيّن وواضح، وهي تلعب بكل الاوراق من ما تريد ان تفرضه وتلعب بينهم من اجل بقاء سطوتها وقوتها وتسلطها, ومن اجل تنفيذ ما يهمها من باب ضمان المصالح المهمة لها.

و ما نراه من المتغيرات، تستدل لنا يوميا بان امريكا كممثل فلسفي وفكري ومنهجي للراسمالية تؤكد لنا بانها ليس الا دولة انتهازية تسير وفق منطق مرحلي, ولا يمكن ان تؤمن هيبذاتها الدولة صاحبة الفكر والفلسفة الغالبة وانها الفكر والفلسفة التي تفرض نفسها نهائيا على العالم للنهاية. وبقراءة دقائق الامور السياسية والاقتصادية التي تعتمدها تستوضح لدينا الامور اكثر فاكثر.

فما تاكدنا منه في هذين اليومين من زيارة الساسة الامريكان وتحركاتهم واجتماعاتهم وتواصلهم مع الفصائل والشخصيات المحلية في المنطقة، وقراءتنا لتصريحاتهم وتمعننا في توجهاتهم وما يجري في الخفاء بعد التدقيق في الاستدلال والاستشراف لما تفعله، اننا تاكدنا بان هذه الدولة التي تعتبر نفسها حاكمة العالم كم هي مهزوزة وخائفة من المستقبل، وما تريده في المنطقة وما تهمها من مصلحتها تدلنا على انها كم هي مهزوزة غير ثابتة بشكل لا يمكن ان نعتقد بانها غير واثقة بنفسها، وهي التي يمكن ان تفرض نفسها للنهاية على مسار امور الناس كما تنوي وكيف منحته روسيا بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الفرصة الكبيرة لتثبت انها هي المنتصرة النهائية، الا انها اكدت بانها كسبت نصر مرحلي ومؤقت ولا يمكن ان تستمر على حالها، لانها غير مثبتة على اسس فكرية وفلسفية نهائية والتي تعتقد بانها لا يمكن ان تهتز، بل على العكس، هي التي اعطت للجميع التصورات والتوقعات بانها اثبتت للقاص والداني بان بقائها في القمة مرحلية ولابد ان تهوى في النهاية وان كان تدريجيا مهما كان بعيدا. والثقافة التي تروج لها امريكا في كل لحظة وتؤكدها في كل خطواتها تؤكد هي ايضا لنا مدى عدم ثقتها بما تملك وانها لم تقتنع هي بنفسها بان ما تسير عليه غير مستقر ولا يمكن تثبيتها نهائيا ايضا، وعليه هي تشترط وتفرض قواعد وثوابت لها من خلال مؤسسات مختلفة تستعملها كوسيلة لفرض ما يهمها في كل انحاء العالم.

 

عماد علي      

 

في المثقف اليوم