أقلام حرة

انتشار المراقد المزيفة

jawad abdulkadom2انتشرت في العراق خلال العقد الأخير مجموعة غير قليلة من المراقد المزيفة، وهي في تزايد متواصل، وقد استغلت للفائدة التجارية، حيث يقصدها الجهلة من الناس وخاصة النساء، وهن يحملن النذور والحناء والحلوى، مما يفرح أصحابها، ويثقل جيوبهم، ويساعد على نشر التخلف والخرافة في هذا البلد المبتلى بمختلف العلل والأمراض.

وقد صدر مؤخرا كتاب فريد ومميز بعنوان (المراقد المزيفة) وهو (معجم موجز للمراقد المزيفة والموضوعة والمنقولة والمجعولة في العراق) لمؤلفه عباس شمس الدين، ويهدف الكتاب إلى تنبيه القراء والسائلين إلى مئات المراقد المزيفة، وجاء في مقدمته أن القبور المعنية بالدراسة في هذا الكتاب (لن ينظر إليها من الجهة المعمارية أو الاجتماعية أو الانثروبولوجية، بل سينظر إليها من جهة واحدة، وهي المطابقة التاريخية)، وأضاف أن (الكتاب برمته جواب بالنفي لكل من ورد اسمه في القائمة الطويلة التي زادت على ستمائة عنوان)، ويرى المؤلف ورأيه حق إنه غير ملزم بـ(تقديم الدليل على نفي النسبة، لأن النسبة هي من تحتاج إلى الدليل) .

وفضلا عن المتابعة والمعلومات القيمة التي وردت فيه، فقد أفصحت مضامين الكتاب عن شجاعة وجرأة مؤلفه، وهو يتصدى لمثل هذا الموضوع الحساس، فأن أغلب المراقد المزيفة صارت تتبع لعوائل متنفذة وعشائر مسيطرة وجهات سياسية دينية فاسدة، لا تعرف مخافة الله، ولا يهمها دقة المعلومة والصدق مع الآخرين بقدر ما يهمها جمع الأموال بأي وسيلة والضحك على ذقون العامة، وهي تهدد من يهدد مصالحها الخاصة، ويحاول التقليل من مدخولاتها المالية، على الرغم من كونها من المال الحرام، ونصبت لـ(مراقدها) المزيفة سدنة وخداما، وفتحت لها صفحات على الفيسبوك، وأذكر أني تعرضت لتهديد بتقديم شكوى ضدي إلى جهة عليا في الحكومة حين نفيت بالأدلة العلمية صحة مرقد يقع في ضواحي مدينة المسيب !!

هناك مراقد أخرى مزيفة لم يتضمنها الكتاب، ويبدو أن المؤلف لم يسمع بها أو يصله خبرها، ولعله سيتدارك الأمر، ويبادر إلى إضافتها في طبعة لاحقة، ويكون قد أدى خدمة علمية كبيرة، ودق ناقوس الخطر أمام الجهات المعنية بمثل هذه الأمور .

 

جواد عبد الكاظم محسن

 

 

في المثقف اليوم