أقلام حرة

حي النُبلاء

ثمّةُ أغنياء  قد اتّخذوا زوايا الحيّ حياةً يتسربلون بين أزقتّها أدباً ويُحيون أطواداً يابسة روحاً. ويكسونها بِخضرة البقاء، فيروون بأفئدتهم بحاراً عطشى ويصنعون إكسيرَ خلودٍ لِأدبٍ عريقٍ كان فيئاً استظلّه أغنياء اللّغة وأكاليل البيان فأسقوا به ينابيعاً بسرير مياه عذب.  وراح أثرياء الحيّ يتسورون بين نواصي الحيّ الفقير يختبئون في ملاجئ الصّمت المَهيب، فتلألأوا بهاءاً  وبرداء الحكمة تزيّنوا، وبلون الشّعر تكلموا، وبفيض البلاغة أطربوا شغاف قلوب قد أعياها ظمأ الزُخرّف البرّاق، فأسقوا اُناساً بألحان الحنين ومُهافاة الأرواحِ . اكتسحت حانات المباهج بِمن تقمّصوا رداء اللّهو واتّخذوا ضوضاء الحياة شقّاً ،وتشدّقوا بالثّرثرة ليصنعوا أعشاباً خاوية قد جفّ جذرُها ثمّ أرووا خيلاءهم بماءٍ آسنٍ اظمأ عَطَشهِم بِلغو الكلام .

إنّهم ظاهرون ولن يختبِئوا بينَ أفنية العَجزْ !

العجزُ عن إتيان الماء العذب وإرواء العطشى بالمعرفة،

التي طالما كانت ولاتزال ظالّةً لُقدسية خِلقة الروح .

تستنشِقُها نسيماً وتشتاقُها فقيداً وتُدمنْ دروب مسراها.

في الحقيقة إنهُ إنشطارٌ كوني هائِل بينَ مُقتنيين

نتج عنه فئتين وجمعٌ من الارواح تُلاحقُها ،إحداهما خُلود أبدي والآخرُ فَناءٌ وقتي.

 

سجى الجزائري/ العراق

 

 

في المثقف اليوم