أقلام حرة

الارتداد المعرفي

fatimaalzahraa bolaaras2لا يوجد مصطلح بهذا المعنى على حد علمي لكنه موجود وبقوة على حسب ما نسمع ونشاهد بل إن الارتداد المعرفي أصبح ظاهرة. تستدعي الدراسة والتعمق وإرسال البعثات خارج الوطن لعل جامعات باريس ولندن وحتى نيويورك وطوكيو تساعدنا في فهم مايحدث ومايجري في حياتنا نحن والاستعمار قاوم أجدادنا الاستعمار الفرنسي بكل ما استطاعوا وكانوا يعتبرونه سبب كل. مآسيهم من بؤس وفقر وجهل وجوع ومرض لكن مع الأسف جاء زمن أصبح  بعض الجزائريين يمجدونه كما يمجده ساستهم بل ويحن إليه البعض من (رضعوا حليب فافا) ويتحسرون على خروجه نسوا دماء الشباب نسوا آهات الأرامل والثكالى نسوا العجرفة والتعالي نسوا الاحتقار والاهانات ولم يعودوا يتذكرون سوى البريق بريق فرنسا ولمعانها يتذكرون فقط عطر باريس وأزياءها الجميلة نسوا شبابهم الذين رمت بهم في سينها ونسوا أولئك الذين احتجزتهم في سجونها الباردة هؤلاء تذكروا هذا وأولئك تذكروا أشياء أخرى وراحوا يهدمون أسسها وكأنهم مأمورون بقوة غيبية وبدأوا بتحطيم ماضيهم بدل بناء حاضرهم ومستقبلهم وأصبح الأمير ماسونيا وابن باديس خائنا وبومدين شيوعيا جاهلا انحرف بالسياسة إلى مانراه وكثرت المشاجب التي يريد المتعالمون الجدد تعليق أخطائهم فوقها مع أنهم لو فكروا قليلا لوجدوا أنه لولا ( بومدين) الشيوعي لما تعلموا أصلا ولا (تعالموا)؟ وكل هذا الهراء الذي يملأ به الكتبة جرائدهم الصفراء والحمراء والملونة ويرصعون بها جدرانهم ومنصاتهم في أروقة التواصل الاجتماعي يمكن أن يكون مقبولا على اعتبار أن الناس انطلقوا من القمقم وخرجوا من عزلة وقمع فأرادوا الطيران بأجنحة الكلمات حتى لو كانت كلمات لا محل لها من الإعراب ويمكن أن ندخل كل هذا في حرية (التبعير) أكرمكم الله لكن ليس من حق الجاهل أن يبشر بالجهل إذا لم يقتنع بنور العلم وإني لأعجب كيف لبلد كبير مثل الجزائر أن تنحدر به الأحداث والحوادث الي هذه الدركات؟ أتفهم سيطرة الأنا على بعض الأشخاص وأتفهم أن يفكر الإنسان في مصلحته لكن أن يجر بلدا بكامله إلى العار والبؤس واليأس فهذا ما لم أفهمه هي مجموعة من الذئاب البشرية تريد صناعة مجتمع المتصوفة والدراويش الذي يترك العمل والجد ويركن إلى الزهد وانتظار المعجزات فقبل سنين ليست كثيرة لم تكن منتشرة في بلادنا بكثرة هذه المظاهر أ و الظواهر التي هي في حقيقتها جهل ويأس وانهيار الرقاة المعجزة الأدوية المعجزة وغير ذلك من الترويج لكل مظاهر القعود والنوم في الرداءة البركة في القليل حشيشه طالبة معيشة كيف يرضى جزائري أن لايسعى ويكتفي بالقليل؟ من أين تأتي البركة وأنت تنهض مع الضحى أو بعد ذلك وتنام وقت السحر أو بعد ذلك لماذا تقبل أن تكون حشيشة تداس وأنت نفخ من روح الله؟ كيف تقتنع في هذا العصر المنفتح على كل شيء أن يخدعك (بهراجا) مهما كان متمكنا وإذا كان الشك عين الإيمان فكيف تشك في الله ولا تشك في بشر مثلك له نفس ضعفك وخوفك؟ كن عين عقلك وقلب فطرتك فلا يجوز أن تعود إلى الوراء لا إلى جهل الجاهلية الأولى ولا الجاهلية المتأخرة التي وجدت لها أشخاصا أقل ما يقال عنهم أنهم يبعثون على الغثيان بمنظرهم البشع الجزائر بلد النور تكفيه شمسه تكفيه مقاومة الظلم منذ وجود الإنسان فيه يكفيه تميزه واختلافه يكفيه ماضيه لكن لا يكفيه حاضره لأنه سيمر سيمر كما مرت عهود الظلام  التي اكتسحها شباب لا يؤمن إلا بالحياة والحب والشمس والنور وهذه الأشياء لا وجود لها مع بول البعير أو حليب العتروس أكرمكم الله الحياة موجودة حيث الجد والبحث والتجربة والتحري والنشاط والقوة والبسمة والأمل أفيقوا أيها الجزائريون فلطالما كنتم تعتقدون أنكم أول من فعل كذا وكذا فلا تكونوا أول من يحط قدمه في طريق الارتداد المعرفي بدل أن تحطوا أقدامكم (ولو متأخرين) في طريق نهضة أخرى لعلها تكون مباركة وتؤتي أكلها

 

فاطمة الزهراء بولعراس

 

في المثقف اليوم