أقلام حرة

عسكر ليبيا وحوارات القاهرة

العسكر، هم الفئة الاكثر تضررا، دفعوا ثمن التدخل الدولي في ليبيا، دمرت شبكة الدفاع الجوي، قصفت المعسكرات في كافة انحاء البلاد بصواريخ كروز وتوماهوك من على البوارج الراسية قبالة الشواطئ الليبية، ومع مضي الوقت استعمل الناتو طيرانه في قصف ما تبقى من معسكرات، غير مكترث بتواجد سكان مدنيين حولها، فكثيرا ما اخطأت الصواريخ اهدافها لتسقط مبان على رؤوس ساكنيها.

منذ الايام الاولى للازمة، اتضح ان الذين يقودون المشهد لا يرغبون في اقامة دولة مدنية كما يدعون، بل جل همهم الوصول الى السلطة ونهب خيرات البلاد، تجلى ذلك من خلال قتلهم لوزير الدفاع عبد الفتاح يونس والتمثيل بجثته ولم تجرؤ أي من الحكومات المتعاقبة على فتح الملف، ما يؤكد ما صرح به اكثر من مسئول (الكيب، زيدان، الثني) بان هناك سلطة عليا (فوقهم؟!)هي من تتولى اصدار الاوامر وتسيير الامور بالبلد بشكل خفيّ.عسكر بنغازي الذين انشقوا باكرا عن النظام، ظنا منهم انها ثورة شعبية مطلبية، دفعوا الثمن غاليا بمجرد ان استتبت الامور لخوارج العصر، فتم اصطيادهم فرادى وجماعات في مختلف المناطق والأوقات.

احد اركان بناء الدولة هو وجود مؤسسة عسكرية وأمنية قوية تحمي الوطن والمواطن، مع مرور الوقت تسربت معلومات، تثبت بالدليل القاطع ولم يعد هناك أي مجال للشك، بان قطر ومن معها سعوا من الايام الاولى الى انشاء حرس وطني بوجوه جديدة مؤدلجة، مع استبعاد كافة الكوادر العسكرية والأمنية، اللهم إلا اذا كانت تلك الكوادر تحمل نفس الرؤى والأفكار ولا تؤمن بالدولة الوطنية، بل ولاءها لتنظيم الاخوان العابر للقارات.

الحديث عن توحيد المؤسسة العسكرية في هذه الظروف الصعبة يعتبر ضرب من الخيال، اغلب عساكر المناطق الغربية، اما انهم مغلوبون على امرهم خشية الزج بهم في السجون (التهم جاهزة) او انهم ركبوا الموجة، طمعا في العطايا وتبؤ بعض المناصب.فالجيش في بلادي ضحية الاخوان وأصحاب الاجندات الخارجية، والرأي العام غير المستنير بسبب الاعلام المضلل.

رئيس المجلس الانتقالي قام مؤخرا بـ(فلق الشكارة)امام الرأي العام الذي اصبح يدرك حجم ألمؤامرة، تحدث عن دور الاخوان ومن اتى ببعضهم الى المجلس، ومنهم رئيس حكومته انذاك (جبريل) الذي يعتبر تياره علمانيا (تحلف القوى الوطنية) وهو الذي "فلق الوطن" بتغطيته على زمرة الاخوان الفاسدة والمفسدة، فهل لا يزال السيد جبريل يعوّل على نجاحه في الانتخابات المقبلة؟ اما السيد عبد الجليل الذي يبدو انه على دراية تامة بمجريات الاحداث وتورط جهات خارجية في الشأن الليبي، لم يذكر لنا لماذا لم ينسحب من رئاسة المجلس خاصة وانه ادرك مبكرا انهم وضعوه على راس المجلس ليس لجدارته بل ليكون الغطاء لأعمالهم الاجرامية؟، ام انه كان يخشى على نفسه اللحاق بالاخرين، فآثر البقاء وليذهب البلد الى الجحيم؟.الاخوان الذين اصابهم بعض الشرر من تصريحاته سارعوا الى نفي ما يخصهم متوعدين بالتقاضي.

القادة السياسيون واللاهوتيون في المنطقة الغربية ما انفكوا يؤلبون الشارع، عسكره ومدنييه على القيادة العامة للجيش الليبي بشرق الوطن وشيطنتها، يعتبرون ان مصر(حيث العسكر مدعوما من الشعب اسقط والى غير رجعة حكم الاخوان) التي احتضنت دون سواها حوارات العسكر غير حيادية، وبالتالي فان ما يخرج منها لا يصب في مصلحتهم، فنراهم يوجهون مدافعهم على المجتمعين لئلا يحدث هناك أي نوع من التوافق بين ابناء المؤسسة العسكرية، لأنهم يدركون ان وحدة الجيش تعني القضاء على الارهاب، وان التسعون الف مجند اصحاب شباشب الصبع واللحى الطويلة، الذين يستنزفون الخزينة العامة برواتبهم المغرية ويتحكمون في العديد من المصالح العامة بحجة تنظيم العمل بها، لن تنطبق على غالبيتهم شروط الالتحاق بالجيش النظامي، فيعودون ادراجهم، ويفقد من اتى (زجّ) بهم الهيبة والجاه، وقد يجد نفسه خلف القضبان، في حال اجراء انتخابات نزيهة وشفافة.

ندرك ان متصدري المشهد يناصبون قيادة الجيش العداء، مهمة توحيد الجيش صعبة جدا ولكنها ليست مستحيلة وبجهود الخيرين تذلل الصعاب ويتعافى الوطن، ربما نحتاج الى مشهد جماهيري بساحة الشهداء بطرابلس وغيرها من المدن الكبرى ، كمشهد ميدان التحرير بالقاهرة.لتضع نهاية للمهزلة التي دمرت الوطن وجعلت الشعب الذي يبيع مليون برميل يوميا يتلقّى المساعدات البسيطة من اغذية وأدوية من المنظمات الاممية، انه الزمن الرديء.

 

ميلاد عمر المزوغي

 

 

في المثقف اليوم