أقلام حرة

الكف عن التغطرس وانهاء العداء

abdulkalil alfalahكان من المتوقع بعد الاتفاق النووي بين الجمهورية الاسلامية الايرانية مع 1+5 ان يصبح العداء والشحن ضد ايران قد وصل الى طريق اقل حدة من ما كان عليه والعودة الى التهدئة والحوار البناء،و فرصة مهمة لعقد تفاهمات يستفيد منها الجميع وتنهي حالة القلق وعدم الاستقرار التي لازالت الصفة المهيمنة على المنطقة وكان يجب علي دولها التعامل مع الواقع السياسي الجديد ضمن استراتيجية جديدة بعيدة عن التشنج والتهديد والعودة الى المنطق للوصول الى تفاهمات تخدم مصالح المنطقة، تنهي على الاقل حصرية بناء سياسة بعض دول الخليج الفارسي على انهاء فكرة العداء لايران وعلى راسهم المملكة العربية السعودية ويزدادون وقاحة يوماً بعد يوم ولايعرفون حجم غطائهم في اوقات كثيرة، تتمثل بالتصريحات الهزيلة الغير المسؤولة لولي العهد محمد بن سلمان ولوزير الخارجية عادل الجبير في اتهامات واهية غير منطقية لايقبل بها سوى الجهلة . وبالرغم من ان انجاز الاتفاق يعتبر انتصاراً دبلوماسياً تاريخياً تحقق وعامل لزرع الامن والاستقرار لجميع المنطقة .ولايمكن للاتهامات الجزاف ان تحل المشاكل وطرح السيناريوهات المكررة والمزاعم الكاذبة التي لا أساس لها من الصحة. ولن تنتهي باتهام البحرين لايران بالوقوف وراء “خلايا إرهابية تتمكن أجهزتها الأمنية من القبض عليها". بين حين واخر اذ ان مثل هذه الاتهامات الواهية لن تساعد البحرين في حلّ مشاكلها الداخلية مع شعبها وتؤكد انه لم تغير بعض الدول سياساتها في المنطقة وإصرارها على عدم تغيير سياستها تجاه قضايا الإرهاب ونشر التطرف والكراهية في العالم، ولم نشهد تغييراً جذرياً في شكل العلاقات بسبب التدخلات الخارجية وخاصة الامريكية المبتزة والوقوع تحت تأثيرها والبقاء على غطرستها في محاولة التأثيرعلى دولها للتطبيع مع الكيان الصهيوني الضارب للقضية الفلسطينية ( اخيرا سمحت الرياض لطيران العدو الاسرائيلي بالعبور عبر اجوائها للذهاب الى الهند ) لابل انهائه والقضاء على امال العرب والمسلمين على مستوى الحكومات والشعوب المؤمنة بالقضية الفلسطينية وحق العودة ويتيح لصناع القرار في الولايات المتحدة تقديم حلولٍ جائرة لحل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وبأبعاد جديدة، مع ان الشعوب العربية لا يرون في إيران خطراً على منطقتهم، ولكنهم يرون إسرائيل هي العدو الاول، من هذا الفهم ان الاتفاق لم يدفع بعض تلك الحكومات التي وقعت تحت ضغوط واشنطن الجائرة لتغيير سياستها وبقت مسلوبة الارادة بعد الاتفاق رغم الجهود الايرانية في اثبات حسن نواياها طيلة هذه الفترة من الزمن كطرف فعال وحقيقي وشريك اساسي في حل الكثير من القضايا وخصوصاً بعد توسع رقعة وجودها السياسي ونشاطها الدبلوماسي الناجح الفعال والتي تمت عبره صياغة شراكات استراتيجية حقيقية فعالة ودور مؤثر في المنطقة وهذا ما اعترف به العالم والتقرب لها وعقد المئات من الاتفاقات الثنائية السياسية والاقتصادية على رأسها، ايران اظهرت مرونة سياسية ودبلوماسية عالية قادرة على مواكبة التحولات الدولية دون المساس بالاستراتيجيات الثابتة لها واصبحت كشريك أساسي لبعض البلدان الغربية وعملت في نفس الوقت لانطلاق مرحلة الانفتاح بعد انهاء عقود من العقوبات وقد سبق وان فاجأ تقرير اعدته الاستخبارات الامريكية معظم المراقبين بحذف ايران من قائمة التحديات الارهابية التي تواجه الولايات المتحدة باعتبار ان ايران تقوم بدور مهم في مكافحة التنظيمات الارهابية بما فيها تنظيم داعش.. واليوم نرى ان اكثر الدول الحليفة للولايات المتحدة الامريكية غيرت المواجهة مع ايران من العداء الى الاحتواء ولاحقاً الى الشراكة،مما لا يبرر مخاوف هذه الدول وقلقها من شكل التحولات في العلاقة بينها وبين الغرب. فالاتفاق في جوهره هو اعلان بدء لمرحلة جديدة تستدعي من الجميع التعامل معها بحكمة وبعد نظر. وان لا تعتبر الدول العربية هذا الاتفاق يشكل انقلاباً عليها وعلى تحالفاتها. كان المطلوب ان يتم النظر الى هذه الخطوة على انها تقدم فرصة جديدة لعقد تفاهمات يستفيد منها الجميع وتنهى حالة القلق وعدم الاستقرار التي باتت الصفة الرئيسية للشرق الاوسط. لانه لا يمكن ان تبقي المنطقة تعيش في دوامة القتل والتقتيل، والدمار والتفتيت.، مع ايجاد الارضية الحقيقية والرغبة الصادقة في انهاء حالة العداء والكره والاعلان عن بدء مرحلة جديدة في العلاقات مع ايران. فالارث الكبير من التجييش الطائفي واستمرار الاستثمار في تكريس العداء ونشر ثقافة الكراهية لسنوات طويلة خلت لا يمكن ان يتم تجاوزه في فترة قصيرة. البحث عن القواسم المشتركة والتنسيق لمواجهة تداعيات الاخطار التي باتت تحدق بالجميع دون استثناء تستدعي النظر الى الامام وتستدعي وقفة جدية لوقف انتشار حالة التمزيق والتفتيت التي باتت تجتاح المنطقة وعقول ابناءها.ومحاربة الارهاب يجب ان يكون عاملاً توحيداً يمكن البناء عليه لصياغة تفاهمات مستقبلية بين الاطراف في المنطقة لخلق وبناء استراتيجية مواجهة التكفير والارهاب ومن يدعمهم في المنطقة وتكون على راس سلم الاولويات، مثلما الامر الذي قاد ضمنياً الي التعامل مع تطورات الملف السوري والعراقي بطريقة جادة في ايجاد صيغة لانجاز حلول سياسية تساعد على انهاء الازمات المتفاقمة في البلدين بمخرجات سليمة بعيدة عن الدماء، كما ان معظم الحلول تحتاج اليوم الى شركاء حقيقيين مؤمنيين الايمان الكامل بخطورة استمرار هذه الازمات وضرورة ان يتم انهائها بأسرع وقت. وايقاف النزف المادي والمعنوي ولا يتم ذلك إلا بتعاون كل الاطراف وللعمل بثقة كاملة بعيداً عن تدخلات الهيمنة وقبول ابتزاز الدول الكبرى لها .

 

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

 

في المثقف اليوم