أقلام حرة

الأمة الكبرى والصيحة الأدرى!!

sadiq alsamaraiمجتمعات الدنيا تتجه نحو تشكيل المحيطات الجبارة، فهي تسعى للتفاعل التكافلي الإعتمادي، الذي يؤمّن بقاءها المقتدر وصولتها المدوية الفتاكة، التي تجعل الآخرين يفكرون مرارا قبل الإقدام على إستهدافها.

ومن الواضح أن الدول الغربية أدركت حقيقة وأهمية تشكيل محيطها الكياني القادر على مساعدتها وتقوية مناعتها ضد الأخطار والمفاجآت، ولهذا تراها تتلاحم وتتفاعل مع كندا وأمريكا لبناء القدرة الكونية اللازمة للتحكم بمصير الآخرين من حولها.

وهذا سلوك ينطلق من وعي عميق وإدراك بعيد لما تتطلبه الحياة الأرضية في هذا العصر، الذي صارت فيه قدرات الدنيا متمكنة من محق الحياة على ظهرها، ولكي لا يتحقق الإنتحار العولمي الفظيع، لابد للقِوى المدججة بما لا يُبقي ولا يذر، أن تتكاتف لتشكيل دريئة تحميها من مخاطر الإنقضاض على بعضها البعض.

وهو سلوك صحيح وضروري للحفاظ على الحياة متطورة ومنطلقة بسرعتها نحو آفاق الجديد والمبتكر المتسارع نحو فضاءات إبداعية غير محدودة.

والمشكلة التي تواجهها الأرض أن بعض المجتمعات وخصوصا التي تتوطن الشرق الأوسط، فبرغم ما تمتلكه من ثروات وقدرات ومصادر للطاقة والحياة، لكنها تعيش في الحفر والخنادق والبرك والسواقي والآبار الظلماء والمستنقعات، وتأبى أن تخرج منها وتتعلم كيف تبني محيطاتها وتتفاعل بإرادة ذات قيمة مشتركة وقوة قادرة على التقدم والرخاء العميم.

وهذه المجتمعات أصبحت على حافة الهاوية المصيرية المروعة، وعليها أن تستيقظ وتستفيق من سذاجتها وغباوتها وترى بعيون الحاضر المعاصر، وتخلع أردية الماضي وتُفعّل عقلها وتستنهض قدراتها وما فيها من طاقات حياة ونماء ورقاء.

والمطلوب منها وبلا تردد أن تنطلق فورا نحو بعضها وتؤسس لمحيط وجودها الأكبر، الذي يمكنه أن يستوعبها ويحتوي طاقاتها ويوظفها للقوة والمنعة والإقتدار الحضاري المتفوق.

أي أن على مجتمعات تركيا وإيران والعرب أجمعين أن يتحركوا نحو إطلاق مشروع الأمة الكبرى، لكي يتحقق الأمن والأمان وتبرز قوتهم وتكون كلمتهم ذات قيمة ودور علوي المقام والأثر.

فلا خيار أمام مجتمعات هذه المنطقة إلا هذا الخيار، وبدونه ستتهاوى المجتمعات الثلاثة وتنحدر إلى حيث يُراد لها، لتكون سهلة الإفتراس والتقاسم وكأنها غنائم المتحاربين.

فهل سترعوي هذه المجتمعات وترى بعيون البصيرة والنهى وتدرك جسامة ما يحيطها من المخاطر، وبأنها تفكر بذات الآليات التي داست على رأسها عشرات القرون.

إنه الخيار السليم الرشيد لبناء أمة كبرى ذات مقامٍ عتيد!!

فهل ستكون الأمة أو تهون؟!!

 

د. صادق السامرائي

في المثقف اليوم